كما صرّح به البعض ، وعلى أي تقدير فيدلّ على نفي العقاب قبل البيان.
وفيه : أنّ ظاهره الاخبار بوقوع التعذيب سابقا بعد البعث ، فيختصّ بالعذاب الدنيويّ الواقع في الامم السابقة.
______________________________________________________
لا عقاب عليها وإن كان ناوي السوء مستحقا له (كما صرّح به البعض).
ولعلّ هذا المعنى الثالث هو الظاهر من الآية المؤيد بسائر الآيات والرّوايات.
(وعلى أي تقدير) من التقادير الثلاثة التي ذكرناها في تفسير الآية المباركة (ف) انّه (يدلّ) قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ)(١) (على نفي العقاب قبل البيان) فيكون دليلا على البراءة.
ثم إنّ المصنّف أشكل على دلالة الآية على البراءة بقوله : (وفيه : انّ ظاهره الاخبار بوقوع التعذيب سابقا بعد البعث) أي : انّ الامم السابقة الذين عذبناهم في الحياة الدنيا بالغرق ، ورمي الحجارة ، وما أشبه ، إنّما عذبناهم بعد البيان (فيختص) قوله تعالى في الآية المباركة (بالعذاب الدّنيوي الواقع في الامم السابقة).
وعليه : فلا ربط للآية بنفي العقاب عن التكليف المحتمل ، الذي لم يبيّنه سبحانه فلا تكون الآية دليلا على البراءة.
لكن ما ذكره المصنّف خلاف ظاهر الآية المباركة ، فانّ ظاهرها : انّ عدم التعذيب بدون البيان من عادة الله سبحانه وتعالى ، فانّه لا يعذب عبدا إلا بعد البيان ، فلا فرق بين الامم السابقة واللاحقة ، كما لا فرق بين عذاب الدنيا ، كالحدود ، والتعزيرات ، ونحوها ، وعذاب الآخرة.
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ١٥.