ويخصّص العموم بغير المستقلّات أو يلتزم بوجوب التأكيد وعدم حسن العقاب
______________________________________________________
داره ولم يطفئ الحريق مع امكانه على الأمرين حتى وان لم يكن المولى أمره بالانقاذ والاطفاء ، وعذر العبد بأنّ المولى لم يأمره بذلك ، غير مفيد عند العقلاء في رفع العقاب عنه.
والحاصل : انه يلزم تحصيل غرض المولى ، سواء علم العبد غرضه بالقول أو بالعقل.
قلت : (ويخصص العموم) في قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١) (بغير المستقلات) العقلية فيكون معنى الآية : انّ الله تعالى لا يعذب إلّا بعد البيان النقلي من الرسول ، إلّا في المستقلات العقليّة ، فانّه يعذب على مخالفتها أيضا وإن لم يكن فيها بيان نقليّ من الرسول ، فيكون حاصل الآية : توقف العقاب على أحد أمرين : أمّا على بيان العقل المستقل ، أو بيان النقل من الرسول ، أما غير المستقلات العقليّة ، كالاجتناب عن التتن ، أو الالتزام بالدعاء عند رؤية الهلال ـ مثلا ـ فالآية تدل على البراءة فيها : فيشملها عموم قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) لان الله سبحانه وتعالى لم يبيّن ـ مثلا ـ حكم التتن ولا حكم الدعاء وقت الهلال ، كما ان العقل ـ مستقلا ـ لا يلزم الاجتناب عن التتن ولا الالتزام بالدعاء عند الهلال ، لان الاجتناب عن التتن والالتزام بالدعاء ليس من المستقلات العقليّة.
وثالثهما : ما ذكره بقوله : (أو يلتزم بوجوب التأكيد وعدم حسن العقاب ،
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ١٥.