إلّا أنّه نزّل شرعا منزلة الرافع ، فهو حاكم على الأصل لا مخصّص له ،
______________________________________________________
قوله سبحانه : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...)(١) أو ما أشبه ذلك ، فانّ دليل الأمارة هذا وإن لم يكن كالدليل العلمي رافعا لموضوع الأصل الذي هو عبارة عن الشك في حكم التتن ـ مثلا ـ (إلّا انّه) أي : دليل تلك الأمارة (نزّل شرعا منزلة الرّافع).
وعليه : فانّ الأمارة وهي ـ مثلا ـ الخبر الدال على حرمة شرب التتن ، والذي دلّ على هذه الأمارة وهو : صدّق العادل ، يدل على تنزيلها منزلة العلم ، فاذا قام الخبر على حرمة شرب التتن يكون كالعلم بالحرمة ، وكما انّه إذا دلّ الخبر المتواتر ـ مثلا ـ على حرمة التتن ، فهو يخرج عن موضوع الأصل لحصول العلم بحرمته بالوجدان ، كذلك إذا دلّ الخبر ـ مثلا ـ على حرمة التتن يخرج عن موضوع الأصل ، لكن خروجا تعبديا ، لأن دليل حجّية الخبر يقتضي تنزيل الخبر منزلة العلم.
إذن : (فهو) أي : دليل تلك الأمارة (حاكم على) دليل (الأصل لا مخصّص له) إذ قد تقدّم : انّ التخصيص عبارة عن خروج الحكم مع بقاء الموضوع ، مثل : أكرم العلماء ، ولا تكرم زيدا العالم ، بينما الحكومة عبارة عن تصرف دليل ثان في موضوع دليل الأوّل توسعة أو تضييقا ، مثل : «لا شكّ لكثير الشك» (٢) في التضييق ، و «الطواف بالبيت صلاة» (٣) في التوسعة.
__________________
(١) ـ سورة الحجرات : الآية ٦.
(٢) ـ من القواعد الفقهية المصطادة من الروايات ويدل عليها الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٣٥٨ وص ٣٥٩ ، تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٥٣ وص ١٨٨ وص ٣٤٣ وص ٣٤٤ ، من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٢٢٤.
(٣) ـ غوالي اللئالي : ج ١ ص ٢١٤ وج ٢ ص ١٦٧ ح ٣ ، نهج الحق : ص ٤٧٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٣ ص ٣٧٦ ب ٣٨ ح ١٧٩٩٧ ، مستدرك الوسائل : ج ٩ ص ٤١٠ ب ٣٨ ح ١١٢٠٣.