مستفاد من صغرى وجدانيّة ، وهي : «هذا ما أدّى إليه ظنّي» ، وكبرى برهانيّة ، وهي : «كلّ ما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي» ، فانّ الحكم المعلوم منهما هو الحكم الظاهريّ.
فاذا كان مفاد الأصل ثبوت الاباحة للفعل الغير المعلوم الحرمة ، ومفاد دليل تلك الأمارة ثبوت الحرمة للفعل المظنون الحرمة ، كانا متعارضين
______________________________________________________
وذلك لأن علمه (مستفاد من صغرى وجدانيّة : وهي «هذا ما أدّى اليه ظنّي») أما ظنّا مطلقا ، أو ظنّا خاصا ، (وكبرى برهانيّة : وهي «كلما أدّى اليه ظنيّ فهو حكم الله في حقّي») وإنّما كان كلما أدّى اليه ظنّ المجتهد هو حكم الله في حقه ، لأنّ ظنّه مستند إما الى دليل الانسداد وهو حجّة ، وأما الى الأدلة الخاصة وهي حجّة أيضا ، ومن المعلوم : إنّ النتيجة ـ وهي الحكم ـ المبنية على مقدمتين : احداهما ظنّية وهي المقدمة الاولى التي ذكرها بقوله : «هذا ما أدّى اليه ظنيّ ، لا يكون علما ، وإنّما يكون ظنّا».
إذن : (فانّ الحكم المعلوم منهما هو الحكم الظّاهري) لا الحكم الواقعي ، فانّ الظّنّ لا يوجب العلم بالحكم الواقعي ، كما إنّ دليل حجّية الظنّ أيضا لا يوجب علما بالحكم الواقعي ، بل هاتان المقدّمتان توجبان الظنّ بالحكم الظاهري ، وهذا الظنّ حجّة امّا للانسداد ، أو للأدلة الدالة على حجيّة الظنون الخاصة.
وعليه : (فاذا كان مفاد الأصل : ثبوت الاباحة) ظاهرا ، لأن الأصل يقول : الشيء المشكوك الحكم مباح لك ، فيثبت (للفعل غير المعلوم الحرمة) كشرب التتن : الاباحة ظاهرا (ومفاد دليل تلك الأمارة) كالرواية التي تقول ، إنّ شرب التتن حرام ـ مثلا ـ (ثبوت الحرمة) ظاهرا (للفعل المظنون الحرمة) لأنّا بعد ورود الرواية نظنّ بحرمة التتن ، فانّهما (كانا متعارضين