وكون دليل تلك الأمارة أعمّ من وجه ، باعتبار شموله لغير مورد أصل البراءة ،
______________________________________________________
(و) ان قلت : إنكم ذكرتم إن دليل الأمارة أخص مطلقا من دليل الأصل ، فدليل الأمارة يكون مخصصا لدليل الأصل ، وهذا غير صحيح ، بل بين الدليلين عموم من وجه ، فانّ دليل الأمارة يشمل كلّ مورد قام عليه الأمارة ، سواء كان هناك أصل أم لا ، ودليل الأصل يشمل كلّ مورد ليس فيه علم ، سواء كان هناك أمارة أم لا ، فيتعارضان في مورد فيه أصل وأمارة.
وعلى هذا : ففي مورد التعارض ، دليل الخبر يقول : خذ بالخبر ، ودليل البراءة ـ مثلا ـ يقول : خذ بالبراءة ، فيتعارضان ، هذا في مورد الاجتماع ولهما مورد افتراق :
الأوّل : أن يكون خبر بدون البراءة ، كما إذا علم إجمالا بأنّ يوم الجمعة يجب عليه الظهر أو الجمعة ، وورد خبر يقول : بوجوب الظهر ، فانّ هنا خبرا ولا براءة.
الثاني : أن يكون براءة بدون الخبر ، كما إذا شك في حرمة شرب التتن ، فانّ البراءة تقول بالحلّية ، ولا خبر في المقام ، فاذا كان هناك خبر وبراءة تعارضا وتساقطا ، مثلا : في عرق الجنب من الحرام براءة تقول : بأنّه لا تكليف بالنسبة الى العرق ، وخبر يقول : بأنه نجس ، فيتساقط حينئذ البراءة والخبر لتعارضهما ، ويكون المرجع الأصل العقلي وهو أن كلّما لم يقم من المولى دليل عليه ، فليس على العبد تكليف.
والى هذا الاشكال أشار المصنّف بقوله : و (كون دليل تلك الأمارة أعمّ من وجه) من دليل الأصل ، وإنّما كان بينهما عموم من وجه ، لأنه (باعتبار شموله) أي : شمول دليل تلك الأمارة (لغير مورد أصل البراءة) أيضا كما بيّناه.
والجواب عن هذا الاشكال هو : انّ دليل الأمارة مقدّم على دليل الأصل