ومن هنا كان إطلاق التقديم والترجيح في المقام تسامحا ، لأنّ الترجيح فرع المعارضة.
وكذلك إطلاق الخاصّ على الدليل ، والعامّ على الأصل ، فيقال يخصّص الأصل بالدليل أو يخرج عن الأصل بالدليل ،
______________________________________________________
عن وجوب الإكرام ، الذي هو حكم دليل أكرم العلماء.
الرابع : التخصص ، وهو خروج موضوع دليل عن موضوع دليل آخر ، مثل : أكرم العلماء ، ولا تكرم زيدا ، فيما إذا كان زيد جاهلا ، فانّ زيدا خارج عن العلماء لأنّه جاهل لا لأنه عالم لا يجب إكرامه.
(ومن هنا) أي ممّا ذكرناه : من إنّ تقديم الدليل على الأصل من باب الورود لا التخصيص ، حيث إنّ الورود هو كون الدليل مخرجا للشيء عن موضوع الدليل الآخر ، والتخصيص كون الدليل مخرجا للشيء عن حكم الدليل الآخر (كان اطلاق التقديم والترجيح في المقام) أي : قولهم : الدليل يقدّم على الأصل ، وقولهم : الدليل يرجّح على الأصل (تسامحا) لا إطلاقا حقيقيا.
وذلك (لأنّ) التقديم و (الترجيح فرع المعارضة).
وقد تبين : إن المورود عليه لا يعارض الوارد ، فانّ «الميتة حرام» لا يعارض «إذا شككت في شيء فابن على الحلية» ، لانّه لا شك في الميتة بعد قول الشارع هذا.
(وكذلك إطلاق الخاصّ على الدليل ، والعامّ على الأصل ، فيقال : يخصّص الأصل بالدليل ، أو يخرج عن الأصل بالدّليل) انّما هو من باب التسامح ، لأن الخاص كان داخلا في العام ثم خرج ، مثل : أكرم العلماء ، ولا تكرم زيدا العالم ، وما نحن فيه ليس كذلك ، اذ الميتة حرام لم يكن داخلا في اذا شككت في شيء فابن على الحلية.