عن معارضة الأوّل ، خرج شرب التتن عن موضوع دليل الأوّل ، وهو كونه مشكوك الحكم ، لا عن حكمه حتّى يلزم فيه تخصيص ، وطرح لظاهره.
______________________________________________________
الحرمة (عن معارضة الأوّل) أي : الاباحة (خرج شرب التتن عن موضوع دليل الأوّل) أي : الأصل الذي دلّ على الاباحة (وهو) أي : موضوع دليل الأوّل (كونه مشكوك الحكم) فإنّه قد صار معلوم الحكم بسبب قيام الدّليل عليه.
وعليه : فالخروج إنّما يكون خروجا موضوعيا وليس خروجا حكميا كما قال : (لا عن حكمه) أي : ليس خروجا عن حكم الأصل الذي هو الاباحة ، فهو مثل ما إذا قال : أكرم العلماء وخرج زيد لأنّه جاهل ، لا لأنّه عالم لكن لا يجوز إكرامه ، فالخروج خروج موضوعي لا خروج حكمي (حتّى يلزم فيه) أي : في هذا الخروج (تخصيص ، وطرح لظاهره) أي : لظاهر الأصل وهو الحليّة.
هذا ولا يخفى : إنّ في المقام أمورا أربعة :
الأوّل : الورود ، وذلك بأن يكون هناك دليلان : أحدهما يكون بحيث إذا جاء ارتفع موضوع دليل الآخر وجدانا بأن لا يكون له موضوع حقيقة ، مثل ما لو قال : «إذا شككت في شيء فهو لك حلال» (١) ، وقال : «الميتة حرام» ، فإنّ الدليل الثاني يرفع موضوع الدليل الأوّل الذي هو الشكّ ، إذ بعد ورود التحريم لا شك في الميتة.
الثاني : الحكومة ، وهو أن ينفي أحذ الدليلين موضوع الدليل الآخر تعبّدا وإن كان موضوعه باق حقيقة ، كما إذا قال : «إذا شككت فابن على الأكثر» (٢) ، وقال :
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٦ ص ٢٣٢ ح ٤.
(٢) ـ من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣٤٠ ح ٩٩٢ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢١٢ ب ٨ ح ١٠٤٥١ ، جامع أحاديث الشيعة : ج ٥ ص ٦٠٢.