ألا ترى أنّه لا معارضة ولا تنافي بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هي الاباحة وبين كون حكم شرب التتن في نفسه مع قطع النظر عن الشكّ فيه هي الحرمة.
فاذا علمنا بالثاني لكونه علميّا والفرض سلامته
______________________________________________________
الأوّل : إنّ موضوع الحرمة التتن ، وموضوع الحليّة التتن المشكوك حكمه ، فلكلّ واحد موضوع غير موضوع الآخر ، ومن الواضح : إنّ التعارض لا يكون بين موضوعين ، وإنّما التعارض يكون في موضوع واحد إذا كان له حكمان.
الثاني : أنّه إذا جاء الدّليل على الحرمة لم يكن شكّ في حكم التتن ، وقد عرفت : انّ موضوع الحليّة هو : التتن المشكوك الحكم.
(ألا ترى انّه لا معارضة ولا تنافي بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هي : الاباحة) الظاهرية (وبين كون حكم شرب التتن في نفسه) أي : (مع قطع النظر عن الشك فيه هي : الحرمة) الواقعية ، فالتتن حرام واقعا حلال ظاهرا.
ثم إنّ الفرق بين المعارضة والتنافي : هو انّ المعارضة تطلق على المناقضة بين الشيئين ، أو شبه المناقضة كالتّضاد ، والتنافي يطلق على ما إذا لم يمكن اجتماعهما وإن لم يكن بينهما مناقضة ولا تضاد ، كما إذا كان هناك لا زمان لشيء واحد ، فأثبت المتكلّم أحدهما دون الآخر ، مثلا : أثبت حرارة الشمس دون ضوئها أو بالعكس ، وإن كان هذا أيضا يرجع بالأخرة إلى التناقض.
ويمكن أن يريد المصنّف بالتنافي : المعارضة ، فيكون تأكيدا لفظيّا.
وعلى كل حال : (فاذا علمنا بالثّاني) أي : بأنّ التتن حرام واقعا (لكونه علميّا) أي : بسبب كونه معلوما بالدليل (والفرض سلامته) أي : سلامة الثاني وهو