أقول : لا يخفى أنّه ليس المراد من أصل دليل الانسداد إلّا وجوب العمل بالظنّ ، فاذا فرض أنّ هذا الواجب تردّد بين ظنون ، فلا غرض إلّا في تعيينه ، بحيث يحكم بأنّ هذا هو الذي يجب العمل به شرعا ، حتّى يبني المجتهد عليه في مقام العمل ويلتزم بمؤدّاه على أنّه حكم شرعيّ من الشارع.
وأمّا دواعي ارتكاب بعض الظنون دون بعض فهي مختلفة غير منضبطة :
______________________________________________________
الاعتبار ، دون سائر الظنون.
(أقول : لا يخفى) إن كلامه رحمهالله غير تام ، لأنه إذا جاز العمل بأي واحد من الظّنين : المظنون الاعتبار وغيره ، كما يجوز أكل الطعام الألذّ وغيره في مثاله ، لم يكن يلزم على المكلّف بعد الانسداد : العمل بمظنون الاعتبار خاصة ، والحال إنّ كلام من يقول بأنّه يلزم العمل بمظنون الاعتبار خاصة ، إنّما هو في لزوم ذلك وتعيينه لا في ترجيحه بميل النفس وهواها.
وذلك كما قال : (انّه ليس المراد من أصل دليل الانسداد إلّا وجوب العمل بالظّن ، فاذا فرض إنّ هذا الواجب تردّد بين ظنون) مظنونة الاعتبار ، وظنون ليست كذلك (فلا غرض) للمكلّف (إلّا في تعيينه) أي : تعيين بعض الظنون عن بعض (بحيث يحكم بأنّ هذا) المعيّن (هو الّذي يجب العمل به شرعا حتى يبني المجتهد عليه) أي : على هذا الظّن المظنون الاعتبار (في مقام العمل ويلتزم بمؤداه على انّه حكم شرعيّ من الشارع) فان هذا هو المراد من تعيين العمل ببعض الظنون دون بعض.
(وأمّا دواعي ارتكاب بعض الظنون دون بعض) لامور لا ترجع الى التعيين (فهي مختلفة غير منضبطة) لأنّ الميول النفسانية تختلف ، فقد يريد الانسان