ولذا قال صاحب المعالم : «إنّ العقل قاض بأنّ الظنّ إذا كان له جهات متعدّدة متفاوتة بالقوّة والضعف ، فالعدول عن القويّ منها إلى الضعيف قبيح» ، انتهى.
نعم ، لو كان قيام الظنّ على حجّية بعضها ممّا يوجب قوّتها في نظر العقل ، لأنّها جامعة لإدراك الواقع أو بدله على سبيل الظنّ بخلافه ،
______________________________________________________
(ولذا) أي : لأجل ما ذكرناه : من أنّ الاعتبار بالأقوى ، لا كون الاعتبار بظنّ الاعتبار (قال صاحب المعالم : انّ العقل قاض بأنّ الظّن إذا كان له جهات متعددة متفاوتة بالقوّة والضعف) كما إذا كان خبر قويا من حيث السند ضعيفا من حيث الدلالة ، وخبر آخر بالعكس ، وخبر ثالث قويا فيهما ضعيفا في جهة الصدور أو كان خبر قويا من جهة الشهرة ضعيفا من جهة القواعد الأوليّة ، وخبر آخر بالعكس ، وهكذا (فالعدول عن القوي منها الى الضعيف قبيح (١) ، انتهى) كلام المعالم.
اللهم إلّا إذا كانت جهات القوة والضعف متعارضة ، ولم يكن بعض الظنون أقوى من بعض فللمكلّف الأخذ بأيهما شاء على التخيير إذا لم يكن هناك تعيين.
(نعم ، لو كان قيام الظّنّ على حجّية بعضها ، ممّا يوجب قوتها) أي : قوة ذلك البعض (في نظر العقل ، لأنّها) أي : ذلك البعض (جامعة لادراك الواقع ، أو بدله) إدراكا (على سبيل الظنّ) كان راجحا على غيره.
(بخلافه) أي : بخلاف البعض الذي لم يظنّ حجيّته ، فانّه ظنّ بادراك الواقع دون بدل الواقع على تقدير المخالفة للواقع فيكون مرجوحا.
__________________
(١) ـ معالم الدين : ص ١٩٣.