قوله قدسسره : إلّا أنّ الإشكال في بعض هذه الصور أهون منه في بعض (١).
أقول : بل لا ينبغي الاستشكال في بعضها كالصّورة الأخيرة ، بل وسابقتها أيضا ، إذ الغالب في موارد الحاجة إلى إعمال هذا الأصل ، إنّما هو صورة الجهل بحال الفاعل ، أو العلم بجهله ، فان ابتلاء عموم الناس إنّما هو بأفعال العوام المخالطين معهم من الرجال والنساء ، من أهل الصحاري والبراري والأسواق ، الذين لا يعرفون أحكام المعاملات والطّهارات والعبادات ، مع استقرار السيرة على إمضاء أعمالهم وحملها على الصّحيح ، ما لم يعلم فسادها.
فالأقوى لزوم الحمل على الصّحيح ، مع احتماله مطلقا ، إلّا في صورة العلم بمخالفة اعتقاد العاقل ، وعدم تصادق الاعتقادين ، وامّا في هذا الفرض فقد يقوى في النظر الحمل على الصحيح باعتقاده بالنظر إلى ظاهر حاله ، والله العالم.
قوله قدسسره : لكن لم يعلم الفرق بين دعوى الضّامن الصغر ، وبين دعوى البالغ إيّاه ... الخ (٢).
أقول : يعني دعوى خصمه صغره ، ولكنّك ستعرف الفرق بين الدعويين ، وربّما بدّل في بعض النسخ المصحّحة البالغة بالبائع ، وعلى تقدير صحّة التصحيح فإن اريد بدعوى البائع الصغر صغر نفسه ، بأن يقول «بعتك وأنا صبي» كما هو الظاهر ، فلا فرق بينه وبين دعوى الضامن صغره.
وإن ادّعى صغر خصمه أي المشتري ، فقد أشرنا إلى الفرق بين الدعويين ، كما سنوضّحه إن شاء الله.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤١٧ سطر ١٣ ، ٣ / ٣٥٦.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤١٨ سطر ٦ ، ٣ / ٣٥٩.