اختصاص التعليل المستفاد من قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» ، حيث أنّ الظاهر من هذه الرواية أنّ وجه الحمل على الصحيح تقديم الظاهر على الأصل ، وقد علّله غير واحد من الأعلام أيضا بظهور الحال ، حيث أنّ العاقل الكامل لا ينصرف عن العمل إلّا بعد إكماله ، ومن الواضح أنّه لا ظهور لفعل الجاهل والغافل المعلوم من حالهما عدم تذكّرهما حال الفعل ، ولكنّ الأظهر هو الحمل على الصحيح في جميع صور الشّك ، لعدم انحصار وجه الحمل في ظهور الحال ، بل العمدة في حمل الأعمال الماضية الصادرة من المكلّف ، بل وكذا من غيره على الصحيح كما ستعرف ، هي السيرة القطعية ، وأنّه لو لا ذلك لاختلّ نظام المعاش والمعاد ، ولم يقم للمسلمين سوق ، فضلا عن لزوم العسر والجرح المنفيّين في الشريعة ، إذ ما من أحد إذا التفت إلى أعماله الصّادرة منذ الأعصار المتقدّمة من عباداته ومعاملاته ، إلّا ويشكّ في كثير منها لأجل الجهل بأحكامها ، أو اقترانها بامور لو كان ملتفتا إليها لكان شاكّا ألا ترى أنّ جل العوام بل العلماء غافلون عن كثير من الامور المعتبرة في الصّلاة وغيرها من العبادات والمعاملات ، ويتجدّد لهم العلم بها شيئا فشيئا ، ولا يمكنهم الجزم باشتمال ما صدر منهم في السابق على هذه الشرائط التي كانوا جاهلين بها ، فلو لم يحمل عملهم على الصّحيح ، وبنى على الاعتناء بالشكّ الناشئ من الجهل بالحكم ونظائره ، لضاق عليهم العيش كما لا يخفى.
وهذا الدليل وإن كان لبيا ، يشكل استفادة عموم المدّعى عنه ، لإمكان منعه بالنسبة إلى الشكّ الساري ونظائره ، ممّا لا يلزم من الاعتناء به حرج أو اختلال ، إلّا أنّه إذا ثبت عدم اختصاص مجرى القاعدة بما إذا كان الظاهر من حال العامل إيجاده على الوجه الصحيح ، علم عدم انحصار وجه الحمل على الصّحيح بظاهر الحال ، فلا يجوز حينئذ رفع اليد عن ظواهر الأخبار المطلقة بسبب التعليل المستفاد من قوله : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» ، لأنّ جعله قرينة على التصرّف في سائر الأخبار