ومن الواضح أنّ ملاحظة الشارع مجموع الوضوء عملا واحدا لا توجب التوسعة في محل أبعاضه ، بعد أن اعتبر فيها الترتيب ، فالشّاك في غسل وجهه بعد التلبّس بغسل يده ، شاكّ في وجود شيء بعد التجاوز عن محلّ ذلك الشيء الذي شكّ في وجوده ، وإن صدق عليه أنّه شاكّ في عمله المتلبّس به ، من حيث جامعيته للأجزاء المعتبرة في صحّته قبل التجاوز عنه ، فيتوارد عليه القاعدتان بأن على سبيل التناقض ، وهو عين الإشكال.
اللهمّ إلّا أن يقال : بابتناء دفع الإشكال على ما اختاره المصنّف رحمهالله ، من اعتبار الدخول في الغير في جريان قاعدة الشكّ بعد تجاوز المحلّ ، وعدم كفاية مطلق الغير ، بل ما كان له نوع استقلال وملحوظية لدى الشارع ، فلا يتحقّق الدخول في الغير بهذا المعنى ، بعد فرض أنّ الشارع لاحظ مجموع الوضوء بمنزلة عمل واحد لا استقلال لأبعاضه ، فليتأمّل.
وكيف كان ، فالصواب في الجواب عن هذا الإشكال ما ذكرناه في صدر المبحث ، فراجع.
قوله قدسسره : نعم ربّما يدّعى في مثل الوضوء ... الخ (١).
أقول : هذه الدعوى وجيهة ، حيث أنّ محل فعل الوضوء قبل الصلاة كفعل الظهر قبل العصر ، وهذا بخلاف مثل السّتر والاستقبال ونحوه ، فإنّ محل إيجاد مثل هذه الشرائط حال الصّلاة لا قبلها.
لا يقال : إنّ الوضوء من حيث هو ليس بشرط بل الشرط ، هي الطّهارة الحاصلة بفعله ، وهي كالستر والاستقبال معتبرة حال الصلاة.
لأنّا نقول : الشكّ في حصول الطهارة حالها مسبّب عن الشكّ في فعل الوضوء
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤١٣ سطر ٢٤ ، ٣ / ٣٤٠.