شاكّا في السجود ، أم ذكر نسيان التشهّد ، لم يلتفت إلى شكّه ، كما لو لم يكن ناسيا للتشهّد.
وليس جلوسه لتدارك التشهّد موجبا لانقلاب شكّه إلى شكّ في الشيء قبل التجاوز عنه ، بعد أن لم يكن كذلك حين حصوله ، وقيامه على الفرض الأوّل قياس مع الفارق ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قوله قدسسره : ويمكن أن يقال لدفع جميع ما في الخبر من الاشكال ... الخ (١).
أقول : ما ذكره في دفع ما في الخبر من الاشكال ، من كون الوضوء بنظر الشارع فعلا واحدا ، إنّما يجدي في دفع الإشكال الأوّل ، وهو النقض بالشكّ في جزء من أعضاء الوضوء بعد الدخول في عضو آخر ، وقد عرفت عند تنقيح مجرى هذا الأصل ـ أي قاعدة الشكّ بعد الفراغ ـ اندفاع هذا الإشكال من أصله ، وأنّه إنّما يجري بعد الفراغ من الأعمال التي تعدّ بنظر العرف عملا واحدا كالوضوء لا أبعاضه ، وأنّ المراد بالشيء من قوله عليهالسلام : «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره» ما كان من هذا القبيل ، لا مطلق الشيء بحيث يعمّ أبعاض العمل الذي يكون مجموعه كالوضوء بنظر العرف عملا واحدا ، وإلّا فملاحظة الشارع مجموعه عملا واحدا لا يجدي في دفع الإشكال ، بعد فرض ظهور الرواية في مطلق الشيء ، بحيث يعمّ مثل غسل الوجه ونحوه ممّا ليس هو في حدّ ذاته بنظر العرف عملا مستقلّا كما لا يخفى.
وامّا الأشكال الثاني : وهو معارضته مع سائر الروايات ، فلا يندفع بهذا التوجيه ، فانّ المدار في جريان قاعدة الشكّ بعد تجاوز المحلّ ـ كما هو مفاد تلك الأخبار ـ على أن يتعلّق الشكّ بوجود شيء بعد تجاوز موضعه المقرّر له شرعا أو عقلا أو عادة ، على تأمّل في الأخير ، كما قرّره المصنّف رحمهالله.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤١٢ سطر ٢٣ ، ٣ / ٣٣٧.