والحاصل : إنّه قد يراد بالاستصحاب الحكم ببقاء وجود العدالة المتحقّقة في السابق ، فمعروض المستصحب ذات العدالة.
وقد يراد إبقاء حمل العدالة على زيد ، فموضوعه حينئذ هو زيد ، واعتبار بقاء الموضوع بهذا المعنى لا يتوقّف على الدليل العقلي ، بل يكفي في إثباته اعتبار اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ ، المستفاد من دليل الاستصحاب.
وحاصل الكلام في المقام : إنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون الموضوع في القضيّة المستصحبة بعينه هو الموضوع في القضيّة المتيقّنة سابقا ، مثلا لو فرض أنّ موضوع النجاسة الماء بوصف التغيّر ، وشكّ في بقاء الوصف في الماء الخاص ، لا يصحّ أن يقال إنّ هذا الماء كان نجسا والآن نجاسته باقية ، فانّ معروض النجاسة المتيقّنة في السابق هو الماء المتغيّر بوصف كونه متغيّرا ، ولم يعلم بقائه ، فلا يصحّ أن يقال «هذا كان نجسا».
نعم يصحّ استصحاب نفس النجاسة الثابتة للماء سابقا ، لأنّ موضوعها ـ على ما ذكرنا ـ ليس إلّا ماهية نجاسته القابلة للاتّصاف بالوجود والعدم ، وهو متحقّق على نحو تحقّقه في القضيّة المتيقّنة ، فيترتّب عليها احكامها لو فرض لوجودها من حيث هو حكم ، ولكنّك عرفت أنّه لا يتّصف بسببه الماء بالنجاسة ، إلّا على القول بالأصل المثبت.
هذا ، ويمكن إرجاع الدليل الذي ذكره المصنّف رحمهالله إلى ما قدّمناه آنفا من القاعدة الفرعية ، وإن كان قد يأبى عنه بعض فقراته ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : فتأمّل (١).
أقول : لعلّه إشارة إلى أنّ استصحاب النجاسة بنفسه حكم شرعي تعبّدي ،
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٠١ سطر ٣ ، ٣ / ٢٩٣.