اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ المراد من بقاء الموضوع هو كون الموضوع في القضية المشكوكة عين ما هو الموضوع في القضية المتيقّنة ، فالموضوع في قولنا «زيد موجود» هو ماهية زيد القابلة للاتصاف بالوجود والعدم ، وهي باقية في زمان الشكّ ، وإطلاق البقاء عليه وإن لم يخلو عن مسامحة ، إلّا أنّ الأمر فيه سهل بعد وضوح المراد منه في مبحث الاستصحاب ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ثمّ الدليل على اعتبار هذا الشرط ... الخ (١).
أقول : قد ناقش في هذا الدليل سيّد مشايخنا (دام ظلّه العالي) بأنّ ما ذكره إنّما ينافي القطع بالبقاء لا الشكّ ، لأحتمال بقاء زيد في الواقع ، فلا امتناع في حكم الشارع بإبقاء عدالته تعبّدا ، بمعنى ترتيب آثار نفس عدالته من حيث هي ، حتّى يعلم بارتفاعها ، ولازمه عقلا بقاء زيد ، لامتناع انفكاك العارض عن معروضه ، ولكنّه لا يترتّب عليه أحكام وجود زيد العادل ، كما أنّه لا امتناع في حكم الشارع بإبقاء وجود الكرّ في الحوض ، ولكن لا يثبت به كون مائه كرا لعدم الاعتداد بالاصول المثبتة ، فكأنّ المصنّف رحمهالله التبس عليه موضوع المستصحب بموضوع الاعراض ، ولذا استدلّ عليه بالدليل العقلي.
وامّا معروض المستصحب فليس إلّا الموضوع الذي يذكر في القضية المتيقّنة ، مثلا ويقال في المثال المذكور عدالة زيد كانت متحقّقة سابقا ، والآن باقية بحكم الاستصحاب ، فالموضوع ماهية العدالة لا وجود زيد.
نعم ، لو اريد إثبات اتصاف زيد بالعدالة ، فلا بدّ أن يقال «زيد كان عادلا ، والآن أيضا عادل بحكم الاستصحاب».
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٠٠ سطر ٣ ، ٣ / ٢٩٠.