نحوها ـ انّه لم يقصد إيجاد صرف مسمّاه ، بل قصد إيجاده امّا في بعض الأحوال أو الأزمان معيّنا أو غير معيّن أم مطلقا.
امّا الأوّلان فينفي احتمالهما أصالة الإطلاق ، التي مرجعها إلى قبح إرادة المقيد من غير بيان القيد ، فيتعيّن الأخير أي إرادته مطلقا بمقتضى قاعدة الحكمة ، وقد أشرنا إلى أنّ الإطلاق الذي يقتضيه قاعدة الحكمة ، هو كونه على الإطلاق مطلوبا ، لا مطلقه الذي هو فرد خاص ، فانّه أيضا نوع من التقييد الذي ينفيه اصالة الاطلاق ، فإذا علم أنّ زيدا في بعض أحواله أو أزمانه لا يجب إكرامه ، ورفع اليد عمّا يقتضيه اصالة الإطلاق ، بقدر ما يقتضيه الدليل الدالّ عليه ، كما هو الشأن في سائر المطلقات.
وقد ظهر بما ذكر أنّ أصالة العموم في مثل هذه الموارد بمنزلة الأصل الموضوعي ، الذي يتبعه اصالة الإطلاق ، فإذا شكّ في إرادة زيد العام ، يحكم أوّلا بإرادته منه بمقتضى اصالة العموم ، ثمّ يعامل معه على حسب ما يقتضيه اصالة الإطلاق.
قوله قدسسره : ولا أجد وجها لهذا التفصيل ... الخ (١).
أقول : يمكن أن يوجّه ذلك بأنّ دليل نفي الضرر إنّما يقتضي نفي اللزوم بالنسبة إلى المتضرّر ، من حيث كونه متضرّرا ، أو بزوال الوصف يتبدّل الموضوع ، فلا يجوز استصحاب الحكم معه ، وهذا بخلاف ما لو كان مدرك الخيار مثل الإجماع ، فانّ مقتضاه ثبوت الخيار للشخص من دون تقييده بعنوان من العناوين ، ولو بالنظر إلى مسامحة العرفية ، فلا مانع عن الاستصحاب حينئذ ، والظاهر انّ المصنّف رحمهالله ملتزم
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٩٦ سطر ٦ ، ٣ / ٢٧٦.