ثبوت ذلك الحكم لفرد في الجملة منافيا لإرادته من عموم الناس ، بل معناه تعلّق الحكم بطبيعة المطلق من حيث هي ، لا بشرط شيء ، فيلزمه العموم السرياني بحسب الأزمان والأحوال ، من غير أن يستلزم ذلك فرض كون الأحوال أو قطعات الزمان أفرادا مستقلّة للعموم الناشئ من الإطلاق ، لأنّ معروض الحكم هو صرف طبيعة التواضع لكلّ واحد من آحاد الناس ، فتواضعه دائما مصداق واحد ، لكن أبعاضه ممّا هو مسمّى باسم تلك الطبيعة أيضا محكومة بحكمها ، كما هو الشأن في سائر المطلقات ، كوجوب الإنفاق على الزوجة ، وحرمة لبث الجنب في المسجد ، وغيرهما من الأحكام المطلقة التي يفهم من إطلاقها إرادة الاستمرار.
والحاصل : إنّ الاستمرار الذي يفهم من إطلاق «أكرم كلّ عالم» هو أنّ كلّ عالم يجب إكرامه مطلقا ، أي لا بشرط شيء ، لا إكرامه المشروط بالإطلاق ، وبينهما فرق بيّن ، فان إجراء الإكرام المستمر ممّا هو مسمّى باسم هذه الطبيعة على الأوّل جزئي للواجب ، وعلى الثاني من أجزائه.
وملخّص الكلام : إنّه إذا ورد «أكرم كلّ عالم» فمصاديق هذا العام من حيث هو هي أفراد العلماء ، وهذه القضية بنفسها ـ لو لم يكن لها إطلاق ـ لا تدلّ إلّا على وجوب إكرام كلّ واحد منهم في الجملة ، فلو شكّ في زيد العالم أنّه هل يجب إكرامه في الجملة أم لا يجب أصلا ، يحكم بوجوب إكرامه في الجملة بمقتضى أصالة العموم ، ولو شكّ فيه بالنسبة إلى بعض أحواله أو أزمانه ، يرجع إلى الاصول العملية الجارية فيه ، بعد فرض إهمال القضية من هذه الجهات.
وامّا إذا علم بأنّها مسوقة لبيان الحكم الفعلي الذي لا يناسبه الإهمال ، فإن أمكن حملها على إرادة إيجاب صرف مسمّى الطبيعة ، حمل عليه لأنّ الأمر بشيء لا يقتضي إلّا إيجاب إيجاد مسمّاه ، وامّا إذا علم بقرينة خارجية أو داخلية ، كالمناسبة بين الحكم وموضوعه ـ كما في مسألة الوفاء بالعقود ، أو الإنفاق على الزوجة ، أو