لأن يكون المراد بالإكرام الإكرام المقيّد بقيد الدوام أو الإطلاق ، مانع عن ظهوره بنفسه ، أو بواسطة دليل الحكمة ونحوه في إرادته على الإطلاق ، وهذا بخلاف ما لو ثبت إرادة الدوام بقرينة مفصّلة ، كدليل الحكمة ونحوه ، كما لو قال مثلا «أكرم زيدا» أو «أكرم كلّ عالم» وعلم بقرينة خارجية أنّ مراده ليس مطلق إيجاده بحيث يسقط التكليف بحصول مسمّاه ، ولا في زمان معيّن ، ولا زمان غير معيّن ، لعدم الدليل على الأوّل ، وقبح إرادة الثاني ، فيحمل ـ بمقتضى دليل الحكمة ـ على إرادة إكرامه مطلقا ، فإذا علم بعد وجوب إكرام أحد في يوم الجمعة مثلا ، يجب تقييد الإكرام الواجب عليه بما عدا ذلك اليوم ، ومن هذا القبيل وجوب الوفاء بالعقد ، فإنّ عموم العقود يستتبع إطلاق الطّلب بالنسبة إلى كلّ عقد ، وثبوت الخيار في الجملة تقييد للإطلاق لا تخصيص للعموم.
اللهمّ إلّا أن يقال ، إنّه ليس لهذه القضية إطلاق أحوالي ، بل هي مسوقة أنّ العقود من حيث هي مقتضاها وجوب الوفاء ، ما لم يحدث ما يقتضي خلافه ، فبعد حدوث الطوارئ لا يفهم حكمه منها.
أو يقال إنّ وجوب الالتزام بمؤدّى العقد يستفاد من مادّة الوفاء ، لا من إطلاق الحكم ، بدعوى أن الوفاء عبارة عن الالتزام بمفاد العقد دائما ، فرفع اليد عن الالتزام بمفاده في الجملة يدلّ على خروج متعلّقه عن موضوع الحكم ، وعدم إرادته من العام ، إلّا بالتقريب الذي سنشير إليه ، أعني قاعدة الاقتضاء ، فتأمّل.
قوله قدسسره : أو من الإطلاق كقوله قدسسره : «تواضع للناس» ... الخ (١).
أقول : قد أشرنا إلى أنّ الاستمرار الذي يقتضيه إطلاق الكلام ليس معناه كون الطبيعة المقيّدة بقيد الإطلاق ـ أي الاستمرار ـ معروضة للحكم ، كي يكون عدم
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٩٥ سطر ٢٠ ، ٣ / ٢٧٥.