ولكن لا يخفى عليك أنّه جواب اقناعي إنّما يجاب به فيما لو كان غرض الكتابي السؤال عن أنّ المسلمين لم لا يستصحبون الشريعة السابقة ، لا في مقام المناظرة وقصد الكتابي حمل المسلمين على الإقرار بحقّية دينه في الجملة ، كي يكون عليهم إقامة الحجّة على نسخه ، فانّه لا يصغي ـ في مقام المخاصمة ـ إلى دعوى المدّعي بأنّي قاطع بأنّ هذه البشارة من أحكام ذلك الدين ، أو أنّ أحكامه مغيّاة إلى هذه الغاية ، فانّ عدم رفع اليد عن ذلك الدين ، الذي اعترف الخصم بثبوته في الجملة ما لم يثبت رفعه ، موافق للأصل المقرّر لدى العقلاء ، فعلى الخصم في مقام المحاجّة ـ بعد الاعتراف به في الجملة ـ إثبات نسخه ، الذي هو يدّعيه ، ولا يجدي دعوى القطع به في مقام التشاجر ، كما لا يخفى.
قوله قدسسره : الخامس أن يقال ... الخ (١).
أقول : لا يخفى ما في هذا الجواب من المكابرة ، فانّ تعليق الحكم الثابت لموضوع خارجي شخصي ببعض أوصافه المتحقّقة باعتقاد المدّعي ، لا يوجب تعدّد الموضوع ، فللكتابي أن يقول إنّ موسى بن عمران ، أو عيسى ابن مريم عليهماالسلام ، الذي هو شخص خاصّ معهود لا أعلم تفصيلا مقالته وأحكامه ، ولكن أسألك عن أنّه هل تحقّق له وصف النبوّة التقديريّة التي زعمتها أم لا؟.
فإن قلت لا فقد كفرت ، وإن قلت نعم فعليك إثبات نسخه ، وجعل النبوّة في مقام الإقرار معلّقا على أمر لا يذعن به الخصم بعد اعترافك بحصول المعلّق عليه ، غير قادح بالإقرار في مقام المخاصمة ، كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٩٤ سطر ١٤ ، ٣ / ٢٧٠.