اصول دينهم ، فالشكّ في أصل نبوّة موسى يستلزم عدم الايمان به ، والخروج عن دين اليهود ، لا الشكّ في بقاء شريعته مع الالتزام بأحكامه في مقام العمل ، من باب الاستصحاب المغروس في الأذهان العقلائي في مثل المقام حتّى يتحقّق خلافه ، كما هو واضح.
قوله قدسسره : الثالث أنّا لم نجزم ... الخ (١).
أقول : مرجع هذا الجواب إلى ما أوضحناه في توجيه الجواب الأوّل ، الذي قلنا بأنّه من أمتن الأجوبة.
ويمكن الفرق بينهما بأنّ الأوّل مبنيّ على الاعتراف بأصل النبوّة.
ولكن نقول : إنّ النبي الذي نعرفه ونعترف به ، هو الشخص الذي صدر منه الأخبار بمجيء نبيّنا ، حيث إنّا لم نعرفه إلّا بهذا الوجه.
وامّا هذا الجواب فملخّصه : إنّا لا ننكر نبوّة موسى وعيسى عليهماالسلام ، بل نعترف بهما ، ولكن اعترافنا بهما عن تصديق نبيّنا وكتابه ، فلا يكون حجّة علينا في استصحاب نبوّتهما ، لأنّ فرض الشكّ فيه يلغي اعترافنا بهما ، كما لا يخفى.
قوله قدسسره : ومن المعلوم أنّ الاعتراف ببقاء ذلك الدين ... الخ (٢).
أقول : لا يخفى أنّ الاعتراف ببقاء ذلك الدين لا يضرّ ، بعد ادّعاء القطع بكون البشارة المذكورة من الأحكام الثابتة في ذلك الدين ، وليس هذه الدعوى أولى من دعوى القطع بصدق نبيّنا ونبوّته ، ومرجعه أنّه ليس للمسلمين شكّ في نسخ الشريعة ، فلا يجزي في حقّهم الاستصحاب.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٩٤ سطر ١ ، ٣ / ٢٦٩.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٩٤ سطر ٩ ، ٣ / ٢٧٠.