والحاصل : إنّ الغلبة من الأمارات المورثة للظنّ باتّصاف الفرد المجهول الحال بصفة الغالب ، لا الظنّ بأنّ هذا المجهول ليس ذلك الفرد المعلوم مخالفته للغالب.
نعم ، كثرة المحتملات في حدّ ذاتها مانعة عن قوّة احتمال أنّ هذا هو ذلك الشخص ، فيصير هذا الاحتمال موهوما بملاحظة كثرة من عداه ، من حيث هي ، لا من حيث اقتضاء الغلبة ، لاتّصافه بصفة الغالب ، كما لا يخفى على المتأمّل.
فالإنصاف أنّ ما نبّه عليه المصنّف رحمهالله فائدة لطيفة ، ربّما خفى تعقّله على كثير من الأذهان ، ولكن قد أشرنا آنفا إلى أنّه لا تعلّق له بكلام المحقّق القمّي رحمهالله ، إذ لم يتعلّق غرضه بإلحاق الفرد المشكوك بالغالب ، كي يتوجّه عليه هذا الاعتراض ، بل قصد عدم إلحاقه بسائر الأحكام ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : لأنّ ثبوته في شرعنا مانع ... الخ (١).
أقول : قد عرفت أنّ ثبوته في شرعنا يغنيه في مقام العمل من باب الاحتياط.
قوله قدسسره : التي هي من اصول الدين ... الخ (٢).
أقول : ما هو من اصول دينهم ، ليس إلّا الاعتراف بصدق نبيّهم ، وكونه مبعوثا من قبل الله تعالى ، وامّا العلم ببقاء شريعته ، وعدم انقضاء مدّة الأحكام التي أخبر بها عن الله تعالى ، فليس من أصول دينهم جزما.
نعم ، الاعتقاد بنسخها ، ونبوّة النبي اللّاحق من أصول دين اللّاحقين ، لا من
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٩٣ سطر ١١ ، ٣ / ٢٦٧.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٩٣ سطر ٢٣ ، ٣ / ٢٦٩.