قوله قدسسره : كسائر التنزيلات ... الخ (١).
أقول : منها خبر العادل والبيّنة وغيرهما من الطرق الشرعية ، بناء على اعتبارها من باب التعبّد ، لا بناء العقلاء ، فانّ إلزام الشارع بسلوك طريق تعبّدي مرجعه إلى أمره بترتيب الآثار الشرعية على مؤداه ، إلّا أنّ بين الامارات والاصول التعبّدية كالاستصحاب ، وأصالة الصحّة ـ بناء على اعتبارهما من باب التعبّد لا الطريقية ـ فرقا ، وهو أنّ مؤدّى الامارة لمّا كان ثبوت متعلّقها حقيقة ، فهي كما تؤدّي إلى متعلّقها كذلك تؤدّي إلى آثاره ولوازمه ، مثلا إذا أخبر العادل بموت زيد مثلا ، فقد أخبر بجميع لوازمه بالالتزام ، أي دلّ خبره على وقوع الموت مع جميع لوازمه ، فإذا أمر الشارع بتصديقه وجب الالتزام والتعبّد بثبوت الجميع في مقام العمل ، ضرورة أنّ إنكار شيء منها ينافي تصديقه ، كما أنّ إنكار نفس الموت تكذيب له ، كذلك إنكار لوازمه.
وبعبارة اخرى : معنى جعل الخبر حجّة هو الإلزام بالالتزام بثبوت مفاده مطلقا ، سواء كان مدلولا مطابقيا له أم تضمّنيا أو التزاميا.
وامّا الاصول فلا مفاد لها ، إذ المفروض أنّ اعتبارها ليس من حيث الطريقية إلى متعلّقاتها ، وإنّما أوجب الشارع التعبّد بثبوت المتعلّقات ـ أي ترتيب آثارها ـ حال الشكّ ، فلا يتعدّى إلى آثار ما يلازمها.
اللهمّ إلّا أن يكون دليل الأصل لفظيا ، وادّعى ظهوره في الأعمّ ، كما قد يدّعي ذلك في أدلّة الاستصحاب ، وهو لا يخلو عن وجه لو بنينا على استفادة حجّيته من محض الأخبار ، كما تقدّمت الإشارة إليه عند التكلّم في وجه حجّيته ، فراجع.
وبما أشرنا إليه من أنّ مفاد حجّية الامارة وجوب تصديق مضمونها تعبّدا ،
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٨٣ سطر ١٣ ، ٣ / ٢٣٣.