عن الله تعالى بحكمه ، إذ على الثاني لا يتعدّد الحكم بتعدّد المخبرين كما هو واضح ، وفي جواب المصنّف رحمهالله إشارة إلى أنّ المستصحب هو حكم الله تعالى ، الثابت في الشريعة السابقة باخبار النبيّ السابق ، لا حكم ذلك النبيّ من حيث هو ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : إنّ الآية إنّما تدلّ على اعتبار الإخلاص ... الخ (١).
أقول : توضيحه إنّه قد يرى المولى أنّه لو أهمل عبده ولم يكلّفه بتكاليف ربّما يتمرّد ويحصل له ملكة المعصية ، فيأمره بأوامر ، ولا داعي له في ذلك إلّا ليطيعه فيما يصدر منه من الأوامر ، ولا يعصيه في شيء منها ، سواء كانت توصلية أم تعبّدية ، فيكون أوامره الصادرة منه بهذا الداعي لطفا في الواجب العقلي ، الذي هو وجوب الإطاعة ، فتكون الإطاعة مرادة بهذه الأوامر ، ولكن لا على سبيل الشرطية في صحّة متعلّقاتها ، والآية الشريفة ـ على تقدير تسليم دلالتها على إرادة العبادة بمعنى الإطاعة ـ لا تدلّ على أزيد من ذلك ، فليتأمّل.
هذا ، مع إمكان أن يقال إنّه لو سلّم دلالتها على المدّعى ، من اعتبار قصد القربة والإخلاص فيما أمروا به على جهة الشرطية ، فانّما يجدي استصحابه في إثبات هذا الشرط بالنسبة إلى تلك التكاليف لو بقي شيء منها على وجوبه في هذه الشريعة ، وامّا أنّ الأوامر في هذه الشريعة أيضا كذلك ، حتّى يثبت بها كون الأصل في الواجبات التعبّدية ، كما هو غرض المستدلّين بها فلا ، فانّها لا تدلّ إلّا على أنّهم ما امروا إلّا لهذه الغاية ، وامّا من عداهم من أهل هذه الشريعة أيضا لا يؤمرون إلّا لها فلا ، فليتدبّر.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٨٢ سطر ١١ ، ٣ / ٢٢٩.