ملاحظة الطهارة المقيّدة بما بعد المذي أمرا مغايرا للطهارة المعلومة سابقا ، محتاجا إلى جعل مغاير لجعل تلك الطهارة ، ومن الواضح أنّه لا يتفرّع ثبوت هذه الطّهارة المقيّدة على أصالة عدم جعل المذي رافعا ، لأنّ أثر هذا الأصل عدم ارتفاع تلك الطّهارة ، لا ثبوت هذه الطّهارة. غاية الأمر إنّا نعلم أنّه لو لم يكن المذي رافعا لتلك الطّهارة ، لكانت هذه الطّهارة مجعولة في حقّ المكلّف ، كما إنّا نعلم أنّه لو لم يكن الطّهارة محقّقة ، لكان المذي رافعا للطّهارة السابقة الحاصلة للمكلّف ، ومرجعه إلى انّا نعلم إجمالا أنّ الشارع امّا جعل المذي حدثا ، أو الوضوء سببا للطّهارة بعد المذي ، واجراء أصالة العدم في أحدهما ليس بأولى من الآخر ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : أنّ المتيقّن السابق إذا كان ممّا يستقل به العقل ... الخ (١).
أقول : قد تقدّم توضيح المقام عند التكلّم في أقسام المستصحب بما لا مزيد عليه ، فراجع.
قوله قدسسره : نعم لو اريد اثبات عدم الحكم ... الخ (٢).
أقول : حاصل الكلام أنّه إن اريد في الزمان اللاحق استصحاب حكم العقل بالبراءة المستند إلى قبح العقاب من دون برهان ، فلا مجال للشكّ فيه في الزمان الثاني ، لعدم الفرق بين الزمانين في استقلال العقل بحكمهما.
وإن اريد استصحاب عدم التكليف الثابت في الزمان الأوّل ، لا من حيث استناده إلى حكم العقل بالقبح ، فلا مانع عن جريانه ، إلّا أنّه غير محتاج إليه ، لكفاية حكم العقل في جواز ترتيب آثار عدم الحكم في زمان الشكّ.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٧٨ سطر ٧ ، ٣ / ٢١٥.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٧٩ سطر ١٦ ، ٣ / ٢١٩.