الزمان بنفسه من مقوّمات ماهية المستصحب في الفرض ، ولا يعقل البقاء الحقيقي إلّا فيما كان الزمان ظرفا لوجوده لا قيدا لماهيته ، بل المناط في جريان الاستصحاب كون المشكوك ممّا علم بتحقّقه قبل زمان الشكّ ، ولو بالمسامحة العرفية ، وهذا المعنى وإن لم يصدق عليه البقاء فيما كان الزمان من مقوّمات ماهيّة المستصحب ، إلّا أنّ أخذ البقاء في تعريف الاستصحاب إنّما هو بملاحظة هذا المعنى ، حيث أنّ العرف في كلمات القوم هو مطلق استصحاب الحال الذي يعمّ الزمان والزماني وغيرهما ، فلا بدّ أن يكون مرادهم من البقاء في التعريف ما يعمّ جميع أقسام المعرّف كما هو ظاهر.
قوله قدسسره : إلّا أن يتمسّك باستصحاب وجود المسبّب (١).
أقول : هذا إن قلنا بجريان الاستصحاب في الشكّ في المقتضى ، ولا تتوهّم حكومة أصالة عدم التأثير على استصحاب وجود المسبّب ، فإنّ أثر هذا الأصل ليس إلّا عدم الحكم بثبوت الأثر في زمان الشكّ استنادا إلى ذلك المؤثّر ، فلا ينافيه الحكم ببقائه لأجل الاستصحاب ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : وامّا ثالثا فلو سلّم جريان استصحاب العدم حينئذ ... الخ (٢).
أقول : تسليمه يبتني على المغالطة ، التي نشأ منها توهّم المعارضة بين استصحاب الوجود والعدم ، من أخذ الحالين ـ أي كون الطهارة قبل المذي وبعده ـ قيدا تارة وإهماله اخرى ، ضرورة أنّ أجراء أصالة عدم جعل المذي رافعا ، مبني على فرض كون الطهارة أمرا مستمرّا باقيا بعد المذي ، لو لم يجعل المذي رافعا لها ، واستصحاب عدم جعل الشارع الوضوء سببا للطهارة بعد المذي ، مبنيّ على
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٧٧ سطر ٢٥ ، ٣ / ٢١٣.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٧٨ سطر ٢ ، ٣ / ٢١٣.