بحيض ، حتّى يحكم بكونه استحاضة ـ كما سيوضّحه المصنّف ـ إلّا على القول بالأصل المثبت ، وهو خلاف التحقيق.
فمقتضى القاعدة هو التفكيك بين الآثار ، فما كان منها مرتّبا على عدم كون اللّحم مذكّى ، كعدم حلّيته وعدم ، جواز الصلاة فيه ، وعدم طهارته ، وغير ذلك من الأحكام العدمية المنتزعة من الوجوديات ، التي تكون التذكية شرطا في ثبوتها ترتّب عليه ، فيقال الأصل عدم تعلّق التذكية بهذا اللحم الذي زهق روحه ، فلا يحلّ أكله ولا الصلاة فيه ولا استعماله فيما يشترط بالطهارة.
وامّا الآثار المترتّبة على كونه غير مذكّى ، كالأحكام الوجودية الملازمة لهذه العدميات ، كحرمة أكله أو نجاسته ، وبتنجيس ملاقيه ، وحرمة الانتفاع به ، وببيعه أو استعماله في سائر الأشياء الغير المشروطة بالطهارة ، كسقي البساتين ، وإحراقه على القول بها ، وغير ذلك من الأحكام المتعلّقة على عنوان الميتة أو غير المذكّى فلا.
نعم ، لو قلنا بالرجوع إلى عناوين الأدلّة الشرعية في تشخيص موضوع المستصحب ، اتّجه إلحاق بعض الوجوديات المعلّقة في الأدلّة الشرعيّة على فقد شرط من شرائط التذكية بالعدميّات ، إذا كان الشكّ ناشئا من الشكّ في حصول ذلك الشرط ، مثل ذكر اسم الله عليه ، حيث قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)(١) فكما يرتّب على استصحاب عدم ذكر اسم الله عليه عدم الحلّية ، كذلك يرتّب عليه حرمة الأكل التي علّقها الشارع في لسان الدليل على ذلك العدم ، وهذا بخلاف سائر الشرائط كفري الأوداج ونحوه ، ممّا لم يرد فيه مثل هذا الدليل ، بل ثبت بالنص والإجماع ، اشتراطه في الحلّية ، وكون الموت المقترن بفقده موجبا للحرمة ، فانّه لا يثبت باصالة عدم حصول ذلك السبب حين موته كون موته فاقدا لذلك الشرط ، إلّا أن نقول بالأصل المثبت ، فيتّجه حينئذ ترتيب جميع الآثار كما تقدّمت
__________________
(١) سورة الأنعام : آية ١٢١.