وحشيا ذكيا فلا بأس».
فإنّ مقتضى التعليق كون موضوع الحرمة والنجاسة هو ما لم يذك.
ويؤيّده أيضا : مفهوم التذكية الظاهر أنّها كانت في الأصل بمعنى التطهير والتنزيه ، ثمّ غلب استعمالها في الذبح المعهود الذي جعله الشارع سببا لطهارة الميتة ، وزوال النفرة الحاصلة لها بالموت ، كما يرشدك إلى ذلك التتبّع في موارد استعمالات مادّتها بصورها المختلفة ، مثل : «كلّ يابس ذكي» ، و «ذكاة الأرض يبسها» و «ذكاة الجلد دباغه».
وفي موثقة ابن بكير الآتية : «إذا علمت أنّه ذكيّ وقد ذكّاه الذّبح».
إلى أن قال : «وإن كان قد نهيت عن أكله ، وحرم عليك أكله ، فالصّلاة في كلّ شيء منه فاسد ، ذكّاه الذّبح أو لم يذكه».
إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة التي تشهد على أنّ الذكاة في أصلها هي النظافة والنزاهة.
وكيف كان ، فالميتة من اللّحم التي حكم في الشريعة بحرمتها ونجاستها ، ليست إلّا عبارة عن اللّحم الذي زهق روحه بلا شرائط التذكية ، فمتى أحرز زهاق روح لحم وشكّ في أنّه هل وجد شرائط التذكية عند زهاق روحه ، يحكم بعدمه بمقتضى الأصل ، فيحرز بذلك موضوع الحرمة والنجاسة.
هذا ، ولكن الظاهر أنّ الميتة في عرف الشارع والمتشرّعة ، عبارة عن غير المذكّى ، أي اللّحم الفاقد لشرائط التذكية حال موته ، فكما أنّ التذكية سبب للحل والطّهارة ، كذلك الموت ـ بلا شرائط التذكية ـ سبب للحرمة والنجاسة ، فموضوع الحرمة والنجاسة هو ما عدا المذكّى ، كما اعترف به المصنّف رحمهالله في ذيل كلامه ، وكونه كذلك لا يثبت بأصالة عدم التذكية ، كما أنّه لا يثبت بأصالة عدم صيرورة المرأة حائضا ، أو اصالة عدم رؤية دم الحيض ، كون الدم ـ المرئي متّصفا بكونه ليس