الإشارة إليه ، كما انّ المتّجه أيضا ذلك لو قلنا بقاعدة المقتضى ، لا للاعتماد على اصالة عدم التذكية ، بل لكفاية الشكّ فيها بناء على هذا القول ، لما أشرنا إليه من أنّ مقتضى جعل الشارع التذكية شرطا للحلّية والطهارة ، وتسمية الذبح الخاص تذكية ، كون موت ذي النفس بنفسه مقتضيا لحرمته ونجاسته ، والتذكية مانعة عنهما ، فمتى احرز المقتضي وشكّ في المانع حكم بثبوت المقتضي.
لكن لا نقول بشيء من المباني ، فالمتّجه حينئذ هو التفصيل بين الأحكام المترتّبة على عدم كونه مذكّى ، كالأحكام السلبية التي تقدّمت الإشارة اليها ، وبين الأحكام المترتّبة على كونه غير مذكّى ، كالأحكام الثبوتية الملازمة لهذه العدميّات ، مثل الحرمة والنجاسة.
إن قلت : لا يمكن التفكيك بين عدم الحليّة والطّهارة ، وبين ما يلازمهما من الحرمة والنجاسة ، لا لمجرّد الملازمة العقلية حتّى يتوجّه عليه أنّ التفكيك بين اللوازم والملزومات في مقتضيات الاصول غير عزيز ، بل لقوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام» ، و «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر».
والمفروض أنّه لم يحرز قذارته وحرمته بأصالة عدم التذكية ، حتّى يقال بحكومتها على أصالتي الحلّ والطهارة ، فالقول بأنّ هذا شيء لم نعلم بحرمته ونجاسته ، ولكنّه ليس بحلال ولا طاهر مناقض للخبرين.
قلت : الشيء المأخوذ موضوعا للحكمين ، هو الشيء المشكوك الحلّية والطهارة لا المقطوع بعدمهما ، كما هو الشأن في جميع الأحكام الظاهرية المجعولة للشاكّ ، وحيث ألغى الشارع احتمال الحلّية والطّهارة ، ونزّله منزلة العدم بواسطة اصالة عدم التذكية ، خرج المفروض عن موضوع الأصلين حكما ، فكما أنّ استصحاب نجاسة شيء حاكم على قاعدة الطهارة ، كذلك استصحاب عدم طهارته أيضا حاكم عليها ، وكذلك الأصل الموضوعي الذي يترتّب عليه هذا الأمر العدمي ،