قوله قدسسره : ثمّ إن تعارض المقتضي لليقين ... الخ (١).
أقول : ما ذكره من المناقشة إنّما يتمّ في مثل الليل والنهار ، ممّا يرجع الشّك فيه إلى الشّك في المقتضي.
وامّا إذا كان الشّك مسبّبا عن احتمال وجود الرافع للشيء فلا ، لأنّ وجود المقتضي ، كما أنّه سبب لوجود المقتضى (بالفتح) لو لا المانع ، كذا إحرازه بالقطع سبب للقطع بوجود المقتضي ، لو لا احتمال وجود المانع ، فاحتمال وجود المانع مانع عن حصول القطع ، كما أنّ نفس وجوده مانع عن وجود المقتضي ، فلا يعقل التفكيك ، كما لا يخفى على المتأمّل ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : إنّ النجاسة فيما ذكره من الفرض ... الخ (٢).
أقول : توضيح الإيراد على التفصيل الذي ذكره المحقّق رحمهالله ، فيما لو شكّ في كون الشيء الموجود مزيلا ، من أنّه إن ثبت أنّ ذلك الحكم مستمرّ إلى غاية معيّنة في الواقع ، وشكّ في كون الموجود مصداقا لها ، فالاستصحاب فيه حجّة.
وامّا إذا لم يثبت ذلك ، بل ثبت أنّ هذا الحكم يستمرّ في الجملة ، وعلم أنّ الشيء الفلاني مزيل له ، وشك في شيء آخر أنّه يزيله أم لا ، فلا يعمّه دليل الاستصحاب.
إنّه يتوجّه عليه أنّه ربّما يستفاد من دليل الحكم ، أنّه يبقى دائما لو لم يرفعه رافع كالنجاسة في المثال المفروض ، فلا يجوز نقض اليقين بالشكّ في رافعية الموجود بمقتضى دليله.
نعم ، لا يجوز التمسّك بالاستصحاب بمقتضى دليله ، فيما إذا كان منشأ الشّك عدم
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٦٩ سطر ١٨ ، ٣ / ١٨٦.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٧٠ سطر ٩ ، ٣ / ١٨٨.