إحراز مقدار استعداد المستصحب للبقاء ، كما لو شكّ في أنّ التيمّم ينتقض بوجدان الماء في أثناء الصلاة أم لا ، لا في مثل الطهارة والنجاسة التي ثبت شرعا أنّه لا يرتفع إلّا برافع.
وبما ذكرنا ظهر لك أنّ الاعتراض على المحقّق رحمهالله إنّما هو على تفصيله ، لا على خصوص منع الاستصحاب في مسألة الاستنجاء ، حتّى يناقش فيما ذكره المصنّف رحمهالله ببعض المناقشات التي أشار إليها.
ولكنّك قد عرفت عند توجيه كلام المحقّق رحمهالله أنّه وإن كان بظاهره في بادئ الرأي مخالفا للمختار ، ومفصّلا بين أقسام الشكّ في الرافع ، ولكن لدى التحقيق ليس كذلك وأنّه إنّما أنكر الاستصحاب في المورد الذي أنكره ، بناء منه على أنّ مرجعه إلى الشكّ في أصل التكليف ، كما في مسألة الاستنجاء على ما صرّح به ، فراجع.
قوله قدسسره : ولم يعلم الحالة السابقة ... الخ (١).
أقول : وجه التقييد بعدم العلم بالحالة السابقة ، أنّه إن علم حالته السابقة إمّا أنّه كان يعلم أنّه محدث بالحدث الأكبر ، أو بالحدث الأصغر دون الأكبر ، أو متطهّر مطلقا. وعلى أي تقدير لا يجب عليه الجمع بين الطهارتين.
امّا على الأوّل : فواضح ، إذ لا أثر لمعلومه الإجمالي ، فلا يجب عليه إلّا غسل الجنابة.
وامّا على الثاني : فلأنّه لم يعلم بأنّ الحادث أثّر في حقّه في تنجيز خطاب ، لتردّده بين ما لا أثر له ـ وهو البول ـ وبين ما له أثر ـ وهو المني ـ فحاله حال ما لو شكّ في أصل الخروج ، أو خرج شيء مردّد بين المني والمذي ، في أنّه لا يعتنى باحتمال الجنابة ، حيث أنّ أصالة عدم حدوث الجنابة في حقّه سليمة عن المعارض ، وهي
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٧١ سطر ٨ ، ٣ / ١٩٢.