عن اليقين السابق أنّه رفع اليد عن اليقين بالشكّ ، فضلا عن استناد النقض إليه ، لأنّ اليقين السابق لم يرفع اليد عنه أصلا.
وليس له في زمان الشكّ وجود تقديري بنحو من الاعتبار العرفي حتّى يقال رفع اليد عن يقينه.
والحاصل : إنّ رفع اليد عن الشيء فرع وجوده ، واليقين الموجود في السابق لم يرفع اليد عنه ، وفي زمان الشكّ لا وجود له ، فلا يصحّ إضافة رفع اليد إلى اليقين ، هذا كلّه في الشكّ في المقتضى.
وامّا الشكّ في الرافع ، وإن لم يكن له يقين فعليّ حال الشكّ ، حتّى يقال رفع اليد عن يقينه ، إلّا أنّ فيه علاقة عرفية مصحّحة للإطلاق ، كما هو ظاهر.
وكيف كان ، فالمراد من نقض اليقين رفع اليد عن الآثار الثابتة له بلحاظ كونه مرادا لمتعلّقه ، لا بلحاظ نفسه ، فالمراد رفع اليد عن آثار المتيقّن ، لا بمعنى أنّ اليقين استعمل بمعنى المتيقّن ، بل بمعنى أنّ اليقين حيث اعتبر طريقا محضا ومرادا صرفا ، لا يكون له أحكام إلّا أحكام متعلّقه ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : وبين هذا وما ذكره المحقّق رحمهالله تباين جزئي (١).
أقول : وجهه أنّ المحقّق رحمهالله خصّ الحجّية بالشّك في وجود الرافع ، وعمّمها بالنسبة إلى بعض صور الشّك في المقتضي ، وهو ما إذا دلّ الدليل على استمرار الحكم في غاية معيّنة في الواقع وشك في تحقّقها ، مع أنّه ربّما لا يكون الغاية من قبيل الرافع ، بل ينقضي عندها ما يقتضي الحكم ، كاستصحاب وجوب الصوم عند الشّك في تحقّق الغروب ، فليتأمّل.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٦٩ سطر ١٨ ، ٣ / ١٨٦.