قوله قدسسره : فالأصل فيه وإن اقتضى عدم حدوث حكم ما بعد الغاية ... الخ (١).
أقول : هذا الأصل بظاهره هو الاستصحاب ، الذي لو سلّم جريانه لكان حاكما على قاعدة الاحتياط بالنسبة إلى التكليف المنجز فيما بعد الغاية ، فلا يتمّ معه الاستثناء الواقع في العبارة ، مع أنّ مبنى الكلام على عدم اعتبار الاستصحاب بهذا المعنى ، فكان الأنسب أن يقول فالأصل وإن اقتضى بقاء التخيير ـ أي الإباحة التي هي الأصل في الأشياء ما لم يثبت الناقل ، ولا يبعد أن يكون هذا هو مراد المصنّف رحمهالله باصالة عدم حدوث حكم ما بعد الغاية ـ لا الاستصحاب ، فهو لا يخلو عن مسامحة ، فتأمّل.
قوله قدسسره : ظاهر هذا الكلام جعل تعارض اليقين والشكّ ... الخ (٢).
أقول : قد عرفت أنّ ظاهره يرجع إلى ما حقّقناه فيما سبق في تفسير الرواية ، من أنّ المراد من «اليقين» هو اليقين التقديري الموجود في زمان الشكّ ، المخصوص بما عدا الشكّ في المقتضي ، لا اليقين السابق على الشكّ ، فالمعارضة إنّما تتحقّق بين الشكّ واليقين التقديري ، الذي له نحو وجود تحقيقي عند العقلاء ، لا بين الشكّ ومقتضى اليقين من حيث هو ، ولا دليل اليقين السابق الدالّ على الاستمرار ، فغرضه أنّه إذا علمنا أنّ عقد النكاح مثلا حكمه إباحة الوطي دائما ، وشككنا في وجود الطّلاق المزيل لأثره ـ لو رفعنا اليد عن الحكم الذي أحرزناه على سبيل الجزم واليقين بسبب الشكّ في وجود الطّلاق ـ يقال عرفا إنّه نقض يقينه بالشكّ ، حيث أنّ لليقين ـ بنظر العرف في الفرض ـ نحو وجود واعتبار ، وهذا بخلاف أقسام الشكّ في المقتضي ، فانّه ليس لليقين في زمان الشكّ وجود تقديري ، بل لا يطلق على رفع اليد
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٦٧ سطر ١٥ ، ٣ / ١٨٠.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٦٩ سطر ٩ ، ٣ / ١٨٥.