به ، فينفيه في حقّ من لم يعلمه تفصيلا بأصل البراءة ، إلّا في الموارد التي ثبت بنصّ أو إجماع أنّه لا يجوز مخالفته القطعيّة ، كما في مسألة الظهر والجمعة ، أو القصر والإتمام ، في مواقع الشكّ في الحكم الواقعي ، وفي الخبرين المتعارضين الذين علم بالأخبار العلاجية وغيرها أنّ طرحهما معا لا يجوز ، وفي مسألة الاستنجاء التي زعم أنّ غاية ما ثبت فيها حرمة ترك الجميع لا وجوب شيء معيّن في الواقع ، أو ثبوت النجاسة إلى أن يتحقّق لها مطهّر شرعي ، ففي مثل هذه الموارد يقتصر على القدر المتيقّن من التكليف الثابت بذلك الدليل الخارجي ، ويراه تكليفا ظاهريّا منجزا على المكلّف ، دون الواقعي الذي يحتمل عدم اشتراطه بالعلم.
وإذا أمعنت النظر فيما أوضحناه من مراده ، لعلمت أنّ تفصيل المحقّق رحمهالله بين مسمّى الشكّ في كون الشيء مزيلا ، ليس منافيا للمختار من اعتبار الاستصحاب في الشكّ في الرافع على الإطلاق ، فانّ القسم الذي أنكر جريان الاستصحاب فيه ، إنّما أنكره تعويلا على أصالة البراءة الحاكمة على الشّغل واستصحاب التكليف ، بعد فرض رجوع الشكّ فيه إلى الشكّ في أصل التكليف ، كما في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : فإن قلت هب ... الخ (١).
أقول : الفرق بين الاعتراضين أنّ محطّ النظر في الأوّل إنّما هو دعوى الإجماع على بقاء النجاسة ، وعدم ارتفاعها إلّا برافع شرعي ، فما دام لم يثبت وجود الرافع يجب الحكم ببقائها للاستصحاب ، بالمعنى الذي اعترف بحجّيته.
وامّا الإيراد الثاني ، فمبناه دعوى الإجماع على وجوب شيء معيّن في الواقع
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٦٥ سطر ١ ، ٣ / ١٧٣.