لصحّة قولنا «هذا المتوضّي ما لم يخرج منه بول أو مذي متطهّر يقينا ، وبعد خروج البول محدث يقينا ، وعند خروج المذي مشكوك الطهارة».
ومن الواضح أنّ أدلّة الاستصحاب لا تعمّ مواردها بهذه الملاحظة ، وانّما تعمّها بعد فرض وحدة متعلّق اليقين والشكّ ، وعدم أخذ الزمان قيدا فيه ، بمعنى ملاحظته من حيث هو ، وبهذه الملاحظة يمتنع أن يتعلّق به اليقين والشكّ في زمان واحد ، فما دام متيقّنا بطهارة زيد امتنع أن يشكّ فيها ، فهو قبل خروج المذي منه كان على يقين من طهارته ، وبعد خروجه صار شاكّا فيها ، وهذا الشكّ لم يكن حاصلا من قبل جزما ، والذي كان حاصلا من قبل ، كان شكّا تقديريا متعلّقا بخروج المذي.
والأولى أن يقال في تقريب الايراد : بأنّ الشكّ الذي كان حاصلا من قبل ، هو الشكّ في الحكم الشرعي الكلّي ، وهو أنّ المذي هل هو ناقض في الشريعة أم لا ، وهذا الشكّ ليس له حالة سابقة معلومة حتّى يجري فيه الاستصحاب ، والشكّ في بقاء طهارته بعد خروج المذي منه شك في حكم شرعي جزئي نشأ ذلك من الجهل بالحكم الكلّي ، وهذا الشكّ المتعلّق بطهارته المتيقّنة يمنع اجتماعه مع اليقين بها ، فما زعمه المحقّق المزبور ـ نظير المناقشة المتقدّمة عند توجيه مذهب المحقّق رحمهالله ـ ناش من الخلط بين المفاهيم الكلّية ومصاديقها ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ألا ترى أنّه لو قيل ... الخ (١).
أقول : إيراد هذه العبارة في ذيل الإيراد الأوّل أنسب ، ولعلّ ذكرها في المقام من تصرّفات الناسخ ، والله العالم.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٦٣ سطر ١٢ ، ٣ / ١٦٨.