قوله قدسسره : وفيه أوّلا أنّ عدم السقوط محمول على نفس الميسور ... الخ (١).
أقول : الفرق بين ما لو كان عدم السقوط محمولا على نفس الميسور ، أو على حكمه ـ مع أنّ الأوّل أيضا ليس إلّا بلحاظ حكمه ـ هو أنّه لو كان محمولا على حكمه فمعنى عدم سقوطه بقاء حكمه السابق ، فحينئذ يتطرّق المناقشة بأنّ حكمه السابق ـ الذي هو عبارة عن الوجوب الغيري ـ مرتفع يقينا ، والوجوب النفسي لم يكن ثابتا قبل كي لا يسقط ، فيمتنع أن يكون ما نحن فيه مشمولا للرواية ، فلا بدّ من حملها على رفع توهّم السقوط في الأحكام المستقلّة التي يجمعها دليل واحد.
وهذا بخلاف ما لو كان محمولا على نفسه ، فانّ معنى عدم سقوطه أنّه بالفعل كما في السابق واجب ، لا أنّ وجوبه هو الوجوب السابق ، فلا يتمشّى حينئذ المناقشة المزبورة ، فافهم.
قوله قدسسره : يعني أنّ الفعل الميسور إذا لم يسقط عند عدم تعسّر شيء ... الخ (٢).
أقول : ما ذكره قدسسره تفسيرا للرواية في غاية البعد عمّا يتفاهم منها عرفا ، كما يشهد به استدلال العوام والنسوان والأطفال الذين يعرفونها في مطالبهم ، واستعمالها في محاوراتهم ، بل المتبادر منها لزوم إيجاد المأمور به ببعض مراتبه الناقصة عند تعذّر إيجاده على الوجه الأتمّ ، الذي تعلّق به الأمر في حال القدرة والاختيار ، فمعنى «الميسور لا يسقط بالمعسور» أنّ الماهية التي يجب إيجادها لا يسقط الميسور منها بسقوط معسورها ، فالمناط في جريان هذه القاعدة كون المأتي به في حال الضّرورة ميسور المتعذّر بنظر العرف ، سواء كان هذا الشيء واجبا
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٩٤ سطر ٢٤ ، ٢ / ٣٩١.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٩٤ سطر ٢٥ ، ٢ / ٣٩١.