قوله قدسسره : إنّ جزئية السورة ليست من الأحكام المجعولة ... الخ (١).
أقول : هذا بناء على ما هو التحقيق من عدم كون الأحكام الوضعية مجعولة مسلّم ، ولكن الوجوب الغيري الثابت للأجزاء أمر مجعول ، فهو المرتفع حال النسيان ، وسقوط الأمر بالكلّ من اللّوازم القهريّة المترتّبة على إتيان سائر الأجزاء ، أو لا يعقل بقاء الأمر بالكلّ بعد حصول أمثاله في ضمن سائر الأجزاء عند عدم وجوب هذا الجزء.
وإن شئت قلت : الأمر بالكلّ ينحلّ إلى الأمر بأجزائه ، فما عدا الجزء المنسي سقط أمره بالامتثال ، والجزء المنسي ارتفع التكليف عنه بنسيانه ، فسقوط هذه الأوامر بأسرها امّا عين سقوط الكلّ ، أو أنّه علّة تامّة له ، فلا يعقل بقائه حتّى يتفرّع عليه وجوب الإعادة بعد الالتفات.
هذا ، مع أنّ المستصحب حكم شرعي ، فكون الأثر عقليّا غير ضار ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : وزعم بعض المعاصرين الفرق بينهما ... الخ (٢).
أقول : ما يمكن أن يكون فارقا بين المقامين دعوى أنّ الاستصحاب من القواعد التعبّدية المجعولة للشكّ في مقام العمل ، فلا يستفاد من دليله إلّا وجوب ترتيب الآثار المترتّبة على نفس المستصحب ، من حيث هو كما ستعرفه في محلّه.
وامّا حديث الرفع فهو من الأدلّة الاجتهادية الحاكمة على العمومات المثبتة للتكاليف ، نظير رفع القلم عن الصبي ، فإذا كان مفاده رفع جزئية السورة في الواقع لو نَسِيَها ، أو اكره على تركها ، دلّ بالالتزام على أنّ الواجب على المكلّف في حال النسيان ونظائره هو ما عداها ، كما لو ورد دليل خاص يخصّص به قوله «اقرأ
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٨٨ سطر ٢ ، ٢ / ٣٦٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٨٨ سطر ١٢ ، ٢ / ٣٦٨.