بيان كون المأتي به فعلا غير اختياري بدلا عن العبادة الواقعية.
وامّا ما ذكره قدسسره من عدم قابلية العاقل لتوجيه الخطاب إليه بالنسبة إلى المغفول عنه إيجابا وإسقاطا ، فهو حقّ ، إلّا انّه لا يصلح مانعا عن صحّة عبادته وعدم جزئية المنسيّ لصلاته ، إذ لا ينحصر طريق توجيه الخطاب إليه بقوله «أيّها الغافل لا تقرأ السورة» أو «اقرأ ما عدا السورة» ، بل للأمر طرق عديدة في تكليفه بما عدا السورة ، فإذا فرضنا أنّ السورة ليست جزء في حقّ الناسي في الواقع فله في إلزام الناسي بفعل ما عدا السورة طرق :
منها : أن يكلّف جميع المكلّفين أو خصوص ناسي السورة بعدّة أجزاء ، لم يتعرّض فيها لذكر السّورة ، ثمّ يخصّ الملتفت بالذكر ويقول «أيّها الملتفت اقرأ سورة في صلاتك» ، أو يقول مثلا «من التفت إلى السورة في صلاته وجب عليه قراءتها».
ومنها : أن يأمر الجميع بجميع الأجزاء ، ولا ينافي ذلك عدم وجوب جميع الاجزاء في حقّ الناسي ، لأنّ الغرض من الأمر ليس إلّا بعث المكلّف على إيجاد المطلوب ، وهذا الأمر يكفيه في البعث على إيجاد ما هو المطلوب منه بقصد القربة.
غاية الأمر أنّه يجب على الآمر إعلامه بعد الالتفات بصحّة عمله ، وكون ما أتى به بقصد الامتثال تمام ما هو مطلوب منه في حال نسيانه ، حتّى لا يقع في كلفة تداركه.
ومنها : أن يأمره بما عدا السّورة بعنوان يعلم أنّه ملازم للنسيان ، كأن يقول مثلا «أيّها المسافر صلّ كذا» إذا علم أنّ السفر ملازم لنسيان السّورة.
والحاصل : إنّه لا استحالة في اختصاص وجوب السورة بمن ذكرها ، فعلى هذا لو كان دليل وجوب السّورة لبّيا ، بحيث لم يمكن الاستدلال بإطلاقه لحال النسيان ، لا يثبت الآخر نيّتها في حال الذكر ، وامّا بالنسبة إلى حال النسيان فيرجع إلى ما يقتضيه القواعد ، والله العالم.