قوله قدسسره : ثمّ أنّ مرجع الشّك في المانعية إلى الشّك في شرطية عدمه (١).
أقول : فيه نظر بل منع ، فانّ الذي يقتضيه التحقيق أنّ المرجع عند الشّك في وجود المانع ، أو مانعية الموجود ـ سواء كانت الشّبهة حكمية أو موضوعية ـ هو أصالة عدم المانع ، سواء أوجبنا الاحتياط في الشّك في الشرطية أم قلنا فيه بالبراءة ، لأنّ المانع ما كان وجوده مؤثّرا في البطلان ، لا عدمه دخيلا في الصحّة ، فتسمية عدم المانع شرطا مسامحة ، كيف وقد جعلوه قسيما للشرط.
نعم ، هو شرط عقلي ، بمعنى أنّ العقل ينتزع من مانعية الوجود شرطية العدم ، فيراه من أجزاء العلم بنحو من الاعتبار العقلي ، لا على سبيل الحقيقة ، فصحّة الصلاة وسقوط الأمر المتعلّق بها مثلا ، من آثار الإتيان بأجزائها جامعة للشرائط المعتبرة في قوام ذاتها ، عند انتفاء ما يؤثر في فسادها ، فالمعتبر في صحّة الصلاة هو أن لا يوجد المانع عنها حين فعلها ، فعدم وجود المانع عنها حال فعلها هو الشرط ، وهو موافق للأصل ، لا اتصافها بوجودها بلا مانع كي يقال انّ هذا ممّا ليس له حالة سابقة حتّى يستصحب ، واستصحاب عدم وجود ما يمنع عن فعل الصلاة ، أو عدم جعل هذا الشيء مانعا عن فعلها غير مجد ، لعدم الاعتداد بالاصول المثبتة ، فلو شكّ مثلا في أنّ عدم محاذاة الرجل للمرأة شرط في صحّة صلاته ، لا يمكن نفي شرطيّته بأصل العدم ، إذ ليس لعدم اشتراط الصلاة بها حالة سابقة حتّى يستصحب ، فيرجع حينئذ إلى اصالة البراءة أو الاشتغال على الخلاف المتقدّم.
وهذا بخلاف ما لو شكّ في مانعيتها ، فنقول الأصل عدم وجود مانع عن فعل الصلاة ، ولا حاجة لنا حينئذ إلى إحراز عدم مانعية هذا الشيء فضلا عن إحراز اتّصاف الصلاة بوجودها بلا مانع ، كي يقال إنّه أصل مثبت ، لما أشرنا إليه من أنّ
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٨٦ سطر ٢ ، ٢ / ٣٥٩.