مردّد بين كونه عينيا أو تخييريا ، فالمرجع حينئذ إمّا عدم وجوب ما عدا هذا المعيّن ، وعدم ترتّب لازمه الوضعي ، وهو سقوط الطّلب المتعلّق بهذا المعيّن بفعل ما عداه ، لأنّا نقول إمّا بالنسبة إلى التخيير العقلي فلا وقع لهذا الكلام من أصله ، إذ المفروض أنّه ليس إلّا وجوب واحد شكّ في تعلّقه بالفرد أو الطبيعة ، فالأصل عدم تعلّقه بالطبيعة معارض بالأصل عدم تعلّقه بالفرد لا محالة.
ولكن قد أشرنا آنفا إلى أنّ هذه المعارضة إنّما هي فيما لو اريد بالأصل عدم وجوب الطبيعة ، رفع آثاره الخاصّة من سقوط هذا الفرد بفعل ما عداه ونحو ذلك ، وامّا لو اريد به نفي استحقاق العقاب بتركها فلا يجري ، لأنّ كون تركها موجبا لاستحقاق العقاب في الجملة معلوم.
وامّا بالنسبة إلى التخيير الشرعي ، فأصالة عدم وجوب ما عدا هذا المعيّن ـ وإن أمكن اجرائها ـ ولكنّها غير مجدية في إثبات كون المعيّن هو الواجب بعينه ، والعلم الإجمالي بوجوبه في الجملة لا يقتضي تعيّنه عليه ، فانّ كونه ملتزما بفعله بالخصوص ، ليس من آثار جنس الوجوب المعلوم ثبوته بالإجمال ، بل من آثار وجوبه عينا ، وهو مشكوك بنفيه اصالة عدم وجوبه الحاكمة على اصالة عدم سقوط الوجوب ، المتعلّق به بفعل ما عداه ، ولا يعارضه اصالة عدم وجوبه تخييريا إذ لا أثر لهذا الأصل ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : فيعارض بنفي الواحد المخيّر (١).
أقول : قد عرفت ما في هذه المعارضة ، فالحق أنّ الأدلّة لا تقصر عن نفي التعيين ، كما أنّها لا تقصر عن نفي التضييق ، عند دوران الأمر بين كون الواجب موسعا أم مضيّقا ، كما تقدّمت الإشارة إليه ، فليتأمّل.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٨٥ سطر ٢٥ ، ٢ / ٣٥٨.