وإن شئت قلت : إنّ العلم الإجمالي الذي يكون أحد طرفيه متيقّن الإلزام تفصيلا على قسمين :
أحدهما : ما إذا كان تيقّن أحد طرفيه ، موجبا لانحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي وشكّ في وجود ما زاد عنه.
وثانيهما : ما ليس كذلك ، بل كان متعلّق العلم الإجمالي عنوانا مغايرا للعنوان الذي علم بتعلّق الحكم به تفصيلا.
فحينئذ أمكن أن يقال إنّ الخطاب بالاجتناب عن ملاقى البول مثلا عام ، شامل للبول المعلوم بالإجمال ، وبعد أن أحرز المكلّف موضوعه في موارد ابتلائه ، فقد تنجّز التكليف بالاجتناب عنه بترك محتملاته ، ومجرّد احتمال مصادقته للخمر التي علم وجوب الاجتناب عنها بدليل آخر ، غير قادح في إلزام العقل بالخروج عن عهدة ذلك التكليف المعلوم بالإجمال ، فيجب حينئذ ترك كلّ من المحتملات دفعا للضّرر المحتمل.
ولكن ، لو تمّ ما ذكر لسرى الإشكال فيما نحن فيه أيضا ، بأن يقال إنّ احتمال مصادفة ذلك الحكم المعلوم بالإجمال للأقلّ ، الذي علم تعلّق الإلزام به تفصيلا ، لا يقدح في نفي ما يقتضيه من العلم الإجمالي ، اللهمّ إلّا أن يتمسّك لنفي وجوب الاجتناب عمّا عدا المتيقّن ، بالأدلّة السمعية الغير القاصرة عن شموله بعد سلامتها عن المعارض ، وقد أشار المصنّف رحمهالله في ذيل العبارة بقوله : «نعم لو ثبت ... الخ» إلى ما ذكر ، ولكن يتوجّه عليه ما أوضحنا في فروع الشّبهة المحصورة ، من أنّ خروج بعض أطراف الشّبهة عن مورد ابتلاء المكلّف ، أو كونه موردا لتكليف منجّز ـ ولو بحسب العرف والعادة ـ مانع عن تأثير العلم الإجمالي في إيجاب الاحتياط ، وسقوط الأصل في الطرف الآخر عن الاعتبار ، فراجع.