وامّا عدم معذورية الجاهل المقصّر ، عند اقتصاره على الأقلّ ، في ترك امتثال الأكثر على تقدير وجوبه في الواقع ، فليس لأجل تنجّز التكليف به بواسطة هذا العلم الإجمالي ، بل للوجه الذي لا يعذر لأجله الجاهل المقصّر العامل بالبراءة قبل الفحص في سائر التكاليف ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : ولا يعارض بقبح المؤاخذة على ترك الأقلّ ، من حيث هو من دون بيان ... الخ (١).
أقول : قد يقال إنّ الأقلّ على تقدير نفي وجوب الأكثر بالأصل يصير مشكوك الوجوب ، ضرورة أنّ الشارع لم يرده مجرّدا عن الجزء المشكوك على تقدير جزئيته في الواقع ، وإلّا لما كان التكليف مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، وهو خلاف الفرض ، فالأقلّ بعد جريان الأصل في الأكثر يصير موردا للأصل ، فيتحقّق المعارضة حينئذ بين الأصل الجاري فيه وفي الأكثر ، حيث يلزم من إعماله فيهما طرح العلم الإجمالي ، وفي أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيجب الاحتياط كما في المتباينين. والعلم بأنّ الأقلّ في الواقع إمّا واجب لذاته أو مقدّمة للأكثر ، إنّما يصلح مانعا عن جريان الأصل فيه على تقدير تنجّز التكليف به على كلّ تقدير.
وامّا على تقدير عدم تنجّز التكليف به إلّا على أحد التقديرين فلا ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، إذ لا يعقل تنجّز التكليف بالمقدّمة عند عدم تنجّز التكليف بذيها.
وفيه أوّلا : إنّه إن تمّ ذلك فانّما يتّجه على القول باشتراط وجوب المقدّمة
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٧٤ سطر ٩ ، ٢ / ٣٢١.