وجب عليه حينئذ تحصيل الجزم بحصول ذلك الغرض ، لكون علمه حينئذ طريقا عقليا لتنجّز التكليف به ، وإن لم يكن هناك خطاب سمعي ، فضلا عمّا إذا كان خطابه قاصرا عن الوفاء بمراده ، ولكن هذا مع العلم بالتخلّف أو المباينة.
وامّا إذا احتمل كونه من قبيل الخواص المترتّبة على نفس المأمور به ، كهضم الغذاء الذي هو من فوائد الرواح إلى السوق في المثال المزبور ، فلا أثر لعلمه الإجمالي كما هو واضح ، وما نحن فيه كلّها من هذا القبيل ، لأنّ غاية ما اقتضته قواعده كون التكاليف السمعية ناشئة عن المصالح النفس الأمريّة ، لازمة التحصيل بنظر العقل على تقدير الاطّلاع عليها ، فمن الجائز ـ إن لم نقل بأنّه المتعيّن ـ كون تلك المصالح من قبيل الخاصّيات المترتّبة على نفس هذه الأفعال ، التي تعلّق بها الطلب السمعي ، فلا يتنجّز التكليف حينئذ إلّا بنفس هذه الأفعال ، فعند تردّدها بين الأقلّ والأكثر يتمشّى فيها الكلام المزبور ، من أنّ مقتضى الأصل حينئذ ـ بالنسبة إلى الأكثر ـ هل هو البراءة أو قاعدة الشغل ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قوله قدسسره : نعم قد يأمر المولى بمركّب ... الخ (١).
أقول : قد اتّضح شرحها آنفا ، فراجع.
قوله قدسسره : قلت امّا أوّلا فمسألة البراءة والاحتياط ... الخ (٢).
أقول : ما ذكره أوّلا إشارة إلى ما نبّهنا عليه آنفا من أنّ الكلام في هذا المقام انّما هو في بيان ما يقتضيه الأصل في مقام الخروج عن عهدة التكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر من البراءة والاحتياط.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٧٣ سطر ١٤ ، ٢ / ٣١٩.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٧٣ سطر ١٩ ، ٢ / ٣١٩.