الواقعية ، ما لم يعلم بتلك المصالح تفصيلا ، وإنّما يحكم بوجوب إيجادها إطاعة لأمر الشارع ، وفرارا عن معصيته الموجبة لاستحقاق العقاب ، كما لا يخفى.
هذا ، مع أنّ العلم إجمالا بأنّ الغرض من هذا التكليف حصول مصلحة عائدة إلى الأمر أو المأمور مغايرة لنفس ذلك الفعل من حيث هو ، لا يصلح أن يكون مؤثّرا في إيجاب الاحتياط بالنسبة إلى ما تعلّق به القرض ، إلّا إذا علم بتخلّفه عن المأمور به أحيانا ، وكون المكلّف قادرا على تحصيله ، وإتيان المأمور به على وجه يترتّب عليه تلك الغاية المقصودة.
وامّا إذا احتمل كونه من قبيل الخاصّيات المترتبة على هذا الفعل من حيث هو ، كما هو الغالب في الأوامر العرفية ، التي لا يعلم الأغراض المتعلّقة بها تفصيلا فلا ، إذ لا يعلم حينئذ بمغايرة الفعل الاختياري الصّالح لأن يتعلّق به التكليف ، ممّا له دخل في حصول ذلك الغرض لهذا الفعل الذي وقع في حيّز الطلب ، كي يثبت بذلك تكليف ، مثلا إذا كلّف المولى عبده بالرّواح إلى السّوق ، وعلم العبد بأنّ نفس الرواح من حيث هو ليس متعلّقا لغرضه ، وإنّما مقصوده تحصيل أمر آخر اختياري له ، إمّا لكونه من أفعاله الاختيارية كشراء لحم ونحوه ، أو غاية مترتّبة على فعله الاختياري ، كوقوع رؤية زيد عليه عند مروره من عند دكّانه بارزا ، فحينئذ يجب على العبد عند تردّد ذلك الغرض بين أمرين أو امور مقدورة ، الاحتياط وتحصيل الجزم بحصول ما تعلّق به غرض المولى ، لا لأجل أنّ الإطاعة عقلا وعرفا اسم للإتيان بالمأمور به على وجه تعلّق به غرض المولى ، فانّا قد بيّنا في صدر الكتاب أنّ الإطاعة التي يستقلّ العقل بوجوبها ليس إلّا إيجاد المأمور به بداعي الأمر لا غير ، وإنّما على المولى أن لا يأمر العبد إلّا بما يطابق غرضه ، ولكن بعد أن علم العبد بالمخالفة وأنّ ما تعلّق به الغرض أمر مباين لهذا الفعل كشراء اللحم في المثال المزبور ، أو شيء لا يترتّب عليه إلّا على بعض التقادير ، كوقوع رؤية زيد عليه في المثال ،