المحرّمة المعلومة بالإجمال ، وما عداها مجموعه حلالا ، وهذا غير مجد في جواز الارتكاب ، وانّما المجدي هو وهن احتمال الحرمة في كلّ فرد من أفراده لابتلائه بالمعارض ، لا وهن احتمال كون هذا المجموع هو ذلك المجموع المحرّم كما لا يخفى.
وقد ظهر بما ذكرنا توجيه كلام المصنّف رحمهالله ، من أنّ محتملات هذا الحرام المتباينة ثلاثة ، كاشتباه الواحد في الثلاثة ، وامّا ما عدا هذه الثلاثة من الاحتمالات وهي احتمالات لا تنفكّ عن الاشتمال على الحرام ، فانّه لو انقسم إلى أزيد من ثلاثة أقسام ، مثل ما لو انقسم إلى ستّة أقسام مثلا ، ليس كلّ قسم مباينا للآخر ، بحيث لو كان هذا القسم حراما لكان ما عداه حلالا ، لاشتمال ما عداه أيضا على الحرام ، فلا يوجب تكثير الأقسام ـ أعني المحتملات الغير المتباينة ـ وهنا في احتمال الحرمة في كلّ قسم ، لعدم معارضته باحتمالها فيما عداه من المحتملات الكثيرة ، وإلى هذا المعنى أشار قدسسره في آخر كلامه عليهالسلام على ما في بعض النسخ ، فلا تعارض احتمال الحرمة ، يعني أنّ المحتملات الكثيرة الزائدة على الثلاثة ـ لاشتمالها على الحرام قطعا ـ لا تعارض احتمال الحرمة في كلّ من تلك المحتملات ، لاحتمالها في محتمل آخر ، لجواز ثبوتها في كليهما ، فلاحظ وتأمّل.
قوله قدسسره : لأنّ الأقلّ حينئذ معلوم الحرمة ، والشّك في حرمة الأكثر (١).
أقول : في بعض النسخ المصحّحة : «لأنّ الأكثر معلوم الحرمة والشّك في حرمة الأقلّ» ، وهذا هو الأنسب بالمقام.
مثاله : ما لو علم أولا بحرمة قراءة القرآن على الحائض ، وتردّد الحرام المعلوم بالإجمال بين ما زاد على سبعين آية أو سبع آيات ، فانّ حرمة سبع آيات
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٦٢ سطر ٢٣ ، ٢ / ٢٧٧.