وأمّا على المشهور من دورانها مدار كثرة المحتملات ، فالحقّ ما حقّقه المصنّف رحمهالله من إلحاقها في مثل الفرض بالشّبهة المحصورة لأنّ الملاك عندهم في صيرورة الشّبهة غير محصورة ، أن يشتبه الحرام فيما بين أشياء محلّلة ، بحيث يوهن احتمال الحرمة في كلّ فرد من المشتبهات المعارضة ، باحتمال كون المحرّم هو ما عداه من الأفراد الكثيرة ، ولذا ربّما علّل عدم وجوب الاجتناب بأن احتمال الحرمة لمّا كان في كلّ فرد موهونا بحيث لا يعتنى به لدى العقلاء ، لا يستقلّ العقل بوجوب الاجتناب عنه ، كما تقدّم في الدليل الخامس ، ومعلوم أنّ الكثرة لا توجب الوهن ، إلّا إذا كان سائر الأفراد مباينة لهذا الحرام في وصف الحرمة ، إذ من البين أنّ اشتباه الحرام في محرمات أخر ، أو فيما كان كثير منه حراما ، لا يوجب وهن احتمال الحرمة ، ضرورة أنّه متى اشتبه مائة شاة محرمة في خمسمائة شاة ، تكون نسبة المحرّمة إلى ما عداها كنسبة شاة محرّمة في خمس شياة ، فكما أنّ هذا ليس من الشّبهة الغير المحصورة ، فكذلك الأوّل ، لأنّ الاحتمالات المتباينة الموجبة لوهن الاحتمال فيه أيضا ليس إلّا خمسة ، لأنّ حرمة كلّ فرد منه لا تنافي حرمة غيره ، إلى أن تبلغ إلى مقدار ما علمه بالإجمال ، فيتحقّق التنافي حينئذ بين حرمة هذا المجموع وحرمة ما عداه ، فيقال مثلا ذلك الحرام المعلوم بالإجمال إمّا هذا وهذا وهذا إلى أن يكمل ، ثمّ يقال أو هذا وهذا وهذا إلى المائة ، ثمّ أو هذا وهذا وهذا وهكذا إلى أن يحصل خمسة أقسام ، ولا يغنى بالاحتمالات الخمس خمسا معيّنا ، ضرورة إمكان تخميس الأفراد على وجه تتحقّق المتباينة بينها في فروض كثيرة جدّا ، إذ لا أثر لكثرة هذه الفروض المحتملة في وهن احتمال حرمة كلّ فرد فرد ، لأنّه على كلّ تقدير لا تزيد الاحتمالات المتباينة عن الخمسة.
نعم ، كثرة الفروض المحتملة عند إرادة تخميسها ، والعطف بكلمة «أو» الدالّة على الانفصال ، يورث الوهن في احتمال كون كلّ مائة بالخصوص مجموعها هي المائة