__________________
ـ أنّ معرفة عدم صحّة السلب المعتبر على الوجه المذكور متوقفة على العلم باتصاف ما اضيف إليه بكونه معنى حقيقيّا ، والتوقّف الثاني هو مقتضى كونه علامة للحقيقة ، وهو ظاهر.
وبالتأمل فيما ذكرناه يعلم أنّه لا يرد في التبادر إذ العلامة هناك تبادر مطلق المعنى من نفس اللفظ دون المقيّد منه بكونه معنى حقيقيّا وإنّما تعلم الصفة المذكورة بملاحظة تبادره من نفس اللفظ ، وليس الاتصاف المذكور معتبرا في العلامة ليتوهّم توقف العلم بالوضع على العلم به ، وكذلك لا يرد في صحّة السلب فإنّه وإن كانت العلامة هناك صحّة سلب المعنى الحقيقي المشاركة لعدم صحّة السلب في الإضافة إلى المعنى الحقيقي الموجبة للتوقّف المذكور ، إلّا أنّ المتوقف على ذلك إنّما هو معرفة المعنى المجازي دون المعنى الحقيقي ليتوهّم لزوم الدور.
ثمّ الوجه المذكور من الدور لا يجري في جميع الوجوه المذكورة ، لعدم صحّة السلب بل يختصّ بالوجه الثاني منها وبالصورة الثانية من الوجه الأوّل ، ولا يجري في الصورة الاولى منه ولا في الوجه الثالث ، أمّا الأوّل فلأنّ العلامة في الصورة المذكورة إنّما هو عدم صحّة سلب مفهوم المسمّى وما بمعناه ولا ريب أنّ معرفته من الجهة المذكورة لا تتوقف إلّا على تصوّر المفهوم المذكور ، وظاهر أنّه لا محذور في ذلك أصلا ، وأمّا الثاني فلأنّ العلامة في الوجه المذكور عدم صحّة سلب الحقيقة الخاصّة والطبيعة المعلومة عن الفرد المذكور المبحوث عنه من غير اعتبار كونه معنى حقيقيا للّفظ ؛ إذ ليس المقصود بها إلّا العلم باندراج المبحوث عنه في تلك الطبيعة وكونه من أفرادها ، فليست الإضافة الى المعنى الحقيقي معتبرة في العلامة ليتوهّم لزوم الدور من جهته.
فظهر بما قرّرناه أنّ الدور بالتقرير المذكور إنّما يتّجه في موردين قد اعتبر فيهما عدم صحّة السلب مضافا الى مصداق المعنى الحقيقي ، فإنّه الذي يتوهم توقف العلم على العلم بكون المعنى حقيقيا ثانيهما ما هو نظير الدور الوارد على التبادر من توقف العلم بالوضع على الحكم بعدم صحة السلب ـ كما هو مقتضى كونه علامة ـ وتوقف الحكم بعدم صحّة السلب على العلم بالوضع ؛ لوضوح أنّ الجاهل بالوضع مع احتماله لكون المعنى مجازيّا غير موضوع له اللفظ أو غير مندرج في المعنى الموضوع له لا يتأتّى منه الحكم بعدم صحة سلب المعنى الحقيقي بوجه من الوجوه المذكورة.
وهذا الدور يجري في صحة السلب في جميع الوجوه المذكورة ؛ لعدم صحة السلب حقّ فيما يرد عليه الدور السابق من الموردين المذكورين فيتّجه فيهما إشكال الدور من جهتين ، وهذا الدور كالدور السابق إنّما يرد على وجه التصريح دون الإضمار ، كما أنّ وروده في ـ