الأصل بقاؤه ، فإن اريد من أصالة عدم ضمّ القرائن أصالة عدم لزومه فهو واضح الفساد ؛ إذ قضيّة الأصل فيه بالعكس استصحابا للحكم السابق.
وإن اريد به أصالة عدمه مع لزوم اعتباره فهو أوضح فسادا منه.
فظهر بما قرّرنا أنّ قضيّة الأصل في ذلك تقديم المجاز ولو مع قطع النظر عن ملاحظة الظهور الحاصل من غلبة المجاز.
ثامنها وتاسعها : الدوران بين النقل والتخصيص وبينه وبين التقييد ، والأمر فيهما ظاهر ممّا قرّرناه سيّما بملاحظة اشتهارها في الاستعمالات ، مضافا إلى أنّ التزام التقييد غير ظاهر في استعمال اللفظ في المقيّد ، فضلا عن ثبوت الوضع له.
عاشرها : الدوران بين النقل والإضمار كما في قوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(١) فإنّ الربا حقيقة لغة في الزيادة ، ويحتمل نقله شرعا إلى العقد المشتمل عليها ، فعلى الأوّل يفتقر إلى إضمار مضاف كالأخذ دون الثاني.
وقد عرفت ممّا ذكرناه ترجيح الإضمار ؛ إذ مجرّد أصالة عدم الإضمار لا يثبت وضعا للّفظ سيّما مع عدم ثبوت الاستعمال فيه ، فبعد ثبوت المعنى الأوّل وتوقّف صحّة الكلام على الإضمار لا بدّ من الالتزام به ، لا أن يثبت وضع جديد للّفظ بمجرّد ذلك ، وقد نصّ جماعة على أولويّة الإضمار على النقل من غير خلاف يعرف فيه.
وفي كلام بعض الأفاضل نفي البعد عن ترجيح النقل عليه لكونه أكثر ، ولا يخفى بعده ، على أنّ الكثرة المدّعاة غير ظاهرة ؛ إذ اعتبار الإضمار في المخاطبات أكثر من أن يحصى وربّما كان أضعاف المنقولات.
حادي عشرها : الدوران بين النقل والنسخ ، ففي المنية ترجيح النقل عليه ، وكأنّه لكثرة النقل بالنسبة إلى النسخ.
وأنت خبير بأنّ بلوغ كثرة النقل وقلّة النسخ إلى حدّ يورث الظنّ بالأوّل
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.