__________________
ـ التبادر أيضا كذلك حسبما مرّ بيانه هناك في كلامه ولا تعرّض في كلامه هنا لهذا القسم عند تقرير إشكال الدور لكنّه سينبّه عليه عند نقل الأجوبة المذكورة في كلام القوم وردّها.
ويندفع هذا الدور في جميع موارده بالوجهين المذكورين في التبادر ، إلّا في الصورة الاولى من الوجه الأول فيتعيّن فيها الجواب بالرجوع الى العالم ، ولا يجري فيها الوجه الآخر من الفرق بين العلم بالشيء والعلم بالعلم به كما أشار إليه رفع مقامه ، والوجه فيه : أنّ كون المعنى موضوعا له وعدم صحة سلب مفهوم الموضوع له عنه مفهومان متلازمان في مرتبة واحدة ، ففرض عدم العلم بالعلم بالأوّل يوجب عدم العلم بالعلم بالثاني أيضا ، فلا يعقل الاستدلال بأحد العلمين على الآخر ، وهذا بخلاف عدم صحّة السلب في سائر الوجوه ضرورة حصول الاختلاف فيها بينه وبين الوضع بحسب المرتبة بالعلّية والمعلوليّة ، بل نقول : مرجع هذه العلامة على الوجه المذكور عند التحقيق الى التنصيص بالوضع ، ولا يعقل أن يكون التنصيص بالوضع علامة له بالنسبة الى من يصدر عنه ذلك التنصيص. وأمّا في غير الصورة المذكورة فالجواب عنه ما ذكر من الوجهين.
وينبغي أن يعلم أنّ الوجهين المذكورين إنّما يجديان في رفع الدور على الوجه الثاني خاصّة ولا جدوى لها في رفع الدور على الوجه الأوّل ، لبقائه مع البناء على كل من الوجهين.
أمّا بقاؤه على الوجه الأوّل من رجوع الجاهل بالوضع الى حكم العالم به بعدم صحّة السلب فلأنّ العلامة حينئذ وإن كان حكم العالم بعدم صحّة سلب المعنى الحقيقي المتوقف على علمه بالمعنى الحقيقي لا على علم الجاهل المستدل لكن لا ريب أنّ المستدلّ بعلامة لا يتأتّى له الاستدلال بها والتوصل بها الى ذيها إلّا مع علمه بتحقّقها ، فإذا كانت العلامة حكم العالم بالوضع بعدم صحّة السلب المخصوص أي المضاف إلى ما يكون معنى حقيقيا للّفظ والمفروض أنّ الجاهل المستدلّ يجب أن يعلم بثبوتها وتحقّقها فلا جرم يتوقف علمه بالوضع على علمه بكون المعنى الذي يحكم العالم بعدم صحّة سلبه معنى حقيقيا تحقيقا لما هو العلامة للوضع وهو الدور المذكور.
وبالجملة : فالتوقف الموجب للدور المذكور إنّما ينشأ من إضافة السلب المعتبر في العلامة إلى ما يكون معنى حقيقيا الموجبة لتوقف العلم بالعلامة على العلم به ، ولا ريب في لزوم العلم بالعلامة للمستدلّ فيتوقف علمه بالوضع على علمه بالعلامة المتوقف على علمه بكون المعنى حقيقيا وإن كانت العلامة المعلومة حكم العالم بالوضع بعدم صحّة السلب لا حكم المستدلّ نفسه فظهر أنّ كون الحاكم بعدم صحّة السلب غير المستدلّ بالعلامة وهو الوجه الأوّل من الوجهين ممّا لا أثر له في دفع الدور المذكور. ـ