الإطلاق على سبيل الحقيقة ، بل على نوع من التجوّز ، أو على سبيل الاصطلاح ، أطلقنا الصّورة على النّفس وإن لم يصحّ الإطلاق ، قلنا انّها كالصورة. وبالجملة أردنا بها أنّها ليست كالفصل بالنسبة إلى الجنس.
وهذا كما أنّ القياس يقتضي أن يصحّ اعتبار النوع أيضا ـ كالإنسان ـ بشرط لا شيء بالنسبة إلى ما يؤخذ معه مشخّصا له ، أو كالمشخّص ، والأمارة للتشخّص ، أي الأعراض الحالّة فيه. إلّا أنّه لا يخفى أن ليس الإنسان بالنّسبة إلى تلك الأعراض مادّة بالمعنى الأخصّ ، بل موضوعا لها ، كما أنّ تلك الأعراض ليست بصورة بمعنى الأخصّ ، فتدبّر.
ثمّ إنّا لو أخذنا الحيوان بالاعتبار الذي أخذنا الجسم بذلك الاعتبار جنسا ، كان هو أيضا جنسا ، أي لو أخذنا الحيوان ، مع أخذه بالنّسبة إلى ما يدخل في حيوانيّته ، كالجسميّة والتغذّي والحسّ ، بالنسبة إلى ما بعد ذلك من المعاني ، كالنطق وما يقابل النطق لا بشرط شيء ، بمعنى أن لا نتعرّض لرفع شيء من تلك المعاني الأخر أو لوضعه ، بل نجوّز وجود أيّ معنى من تلك المعاني داخلا في هويّة الحيوان ، مقوّما لحقيقته ، محصّلا له شيئا آخر متحصّلا منتظرا ، بعد أن كان متحصّلا في الجملة ، ومبهما غير محدود ، بحسب ذلك التحصّل الباقي المنتظر. أي نجوّز كون الحيوان مع كونه ممّا يدخل بالضرورة في حقيقته الجسميّة ، وقوّة التغذية والحسّ والحركة ، بحيث يمكن أن ينضمّ إليه ما يحصّله شيئا آخر ، ويقوّمه كالنطق ومقابله ، وبحيث لا ضرورة هنا في ذلك.
والحاصل أن لا نختم معنى الحيوان بما يدخل في حقيقته ، ولا نجعل ما يمكن أن ينضمّ إليه من الأمر المقوّم المحصّل له خارجا عنه البتّة ، بل نجوّز مع ذلك انضمامه إليه ، وتحصيله إيّاه وتقويمه له ، فحينئذ يكون الحيوان حيوانا بمعنى الجنس ، كما أنّه إذا اخذ الحيوان بشرط شيء ، أي بشرط دخول الأمر الآخر المنضمّ إليه في حقيقته ، وكونه أمرا محصّلا في نفسه ، ولم يبق له تحصّل منتظر كان نوعا.
وهذا الذي ذكرنا ، هو اعتبار كون الشيء الواحد مادّة أو جنسا ؛ ومنه يعلم اعتبار كون الشيء الواحد صورة أو فصلا ، حيث يعلم منه أنّه بالاعتبار الذي يؤخذ الشيء به